TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > لماذا لا يكون الخيار البديل "كتلة خارقة" للطائفيّة بعد العبور الفاشل ؟

لماذا لا يكون الخيار البديل "كتلة خارقة" للطائفيّة بعد العبور الفاشل ؟

نشر في: 6 مارس, 2016: 09:23 م

أكتب مقالتي وقيادة التحالف الوطني بحضور كلٍّ من السادة حيدر العبادي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم بالإضافة إلى الممثلين الدائميين في حالة اجتماعٍ مغلق في مدينة كربلاء.  وأول ما يؤشر له الاجتماع أنّ التكنوقراطي "غير الحزبي" تراجع  بقدرٍما، وهو ق

أكتب مقالتي وقيادة التحالف الوطني بحضور كلٍّ من السادة حيدر العبادي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم بالإضافة إلى الممثلين الدائميين في حالة اجتماعٍ مغلق في مدينة كربلاء.  وأول ما يؤشر له الاجتماع أنّ التكنوقراطي "غير الحزبي" تراجع  بقدرٍما، وهو قدرٌ يكفي للاستنتاج باستعصاء عبور مشروع الطائفية من جانب أصحابه ومهندسيه، وعدم القدرة على "تجميد" مرجعية مراكز قرارها الطائفي.

ويكفي هذا الاستدلال للتأكيد على "وَهمِ" التعويل على الآليات المُسيّرة للعملية السياسية التوافقية الطائفية للانقلاب على منظومتها وإعادة بنائها على أُسس ديمقراطية مدنية تعتمد المواطنة كمرجعٍ وقاعدة للتأسيس.
ويؤكد اجتماع " الإخوة الغرماء" أيضاً على أن الانفراد في كسر السياقات السائدة في الحكم، بما يضمنه من كفالة المصالح المتشابكة، وإن تحقق في بيئة يعزف الجميع على وتر فسادها، خطٌ أخضر- أحمر، سريع الاشتعال. وليس صعباً بلوغ هذا الاستنتاج  من دون حاجة لانتظار " لَمِّ الشمل" في كربلاء هذه المرة، فالدائرة المغلقة المُحكَمة كفيلة بسدّ أي منفذٍ أمام محاولات التمرد على قوانينها وضوابطها، والدائرة الانتخابية التي تتحدد وفقاً لقانون الانتخابات، وملحقاتها، تضمن أكثريةً لحُرّاس المحاصصة الطائفية، وقاعدة "الأواني المستطرقة" لانتقال الأصوات الموزّعة بين المرشحين وقائمتهم تكرّس نفوذهم المهيمن، مما يجعل البرلمان الحارس والبوّابة للطائفية وقراراتها النافذة، فتحتَ قبّتهِ يُنتخب رئيس الجمهورية وتتشكل الحكومة، ومن معطفه تُسنّ القوانين والتشريعات، وبأصواته تجري تعيينات كبار الموظفين والقادة العسكريين، وسحب الثقة عن الحكومة أو رئيسها متعذرٌ دون تأمين نصف قوامه زائدا واحدا . لكن في هرمٍ خارج قبة البرلمان يجلس الكهنة المعنيون بالقول الفصل في كل تلك الشؤون دون نقصان  !
وليس السيد رئيس مجلس الوزراء غائباً أو مغيباً عن هذه التراتبية في المصدر الفعلي لجميع القرارات وشؤون الحكومة والدولة وما بينهما من تناغماتٍ أو خصومات، فإذا افترضنا استطاعته إمرار تشكيلته التكنوقراطية، على سبيل المثال، في البرلمان في لحظة غيبوبة منه أو حذرٍ من التصدي لها خشية من حراكٍ جماهيري أو طارئٍ سياسيٍ أو أمني أو فوضى مُهَدِّدة لا راد له ، فإن إفشالها بتعطيل مواردها أو قراراتها أو حتى إسقاطها يظل تحت تصرف البرلمان وكهنته في أي لحظة. ويظل السؤال عن كيفية التعاطي مع حكومة معزولة أو مطوقة من قوى تهيمن على مراكز القرار "الشرعية - الدستورية" ..
ويمكن رسم خارطة مقاربة لمواقف قيادات الكتلة الحاكمة "التحالف الوطني" لتحديد الخيارات المتاحة للتغيير أو الإصلاح أمام السيد العبادي، في إطار المنظومة الحاكمة الراهنة:
السيد مقتدى الصدر يطالب، على ما أعلنه، بتغيير حكومي شامل مع بقاء العبادي على رأس الحكومة،  وهذا غير ممكن من دون استقالة رئيسها بحكم النظام الداخلي لمجلس الوزراء الذي يشترط سقوط الحكومة إذا ما انسحب منها أو أُسقطت عضوية تسعة وزراء من كابينتها.
والسيد عمار الحكيم  يطالب بحل الحكومة كاملة برئيسها، وهو خيار لا يقبل به  العبادي وتتوحد معه كتلته متجاوزةً خلافاتها، لأنه سيسحب البساط من تحت أقدام حزب الدعوة، وقد يتعذر ذلك لأنه قد يؤدي الى فراغٍ حكومي لشهورٍ طويلة.
والكتل والجماعات الأخرى تقف على مسافة من الخيارين المذكورين، وأغلبها على وجه التقريب ترفض إيلاء أمر تشكيل الحكومة، أياً كان توصيفها تكنوقراطاً أو كفاءاتٍ، الى العبادي، ودون أن تكون هي من يرشح أو يوافق ويقرر ..!
ولم يتبين بوضوح جوهر مبادرة السيد العبادي في ما يتعلق بتوصيف وزرائه أو برنامجه الإصلاحي الشمولي او اللجان التي اصطفاها لتحدد له مسارات حكومته ومشروعه للتغيير .
وإذا ما ظلت الأمور على ما هي عليه، وهي آيلة لهذا، فيبقى أمام دعاة الإصلاح وأنصاره، من داخل العملية السياسية وفي الفضاء الذي يضم الأكثرية الصامتة حتى الآن، الدعوة للاستعانة بخبرة الأمم المتحدة لإعادة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بعيداً عن المحاصصة الطائفية، وتعديل قانون الانتخابات، تمهيداً للتحضير لانتخاباتٍ مبكرة بعد فترة مناسبة. ولن يكتمل هذا التحضير بمعزلٍ عن الشروع بتطبيق قانون الأحزاب بعد إجراء التعديلات المناسبة عليه، وكذلك نزع كل سلاحٍ خارج أجهزة الدولة وتشكيلاتها الأمنية والعسكرية باستثناء سلاح المرابطين على جبهات القتال والمواجهة مع الإرهابيين وداعش، والبحث عن صيغٍ مناسبة لانخراطهم في تشكيلات الدولة العسكرية وتحت سلطة مباشرة من قيادتها.
إن ما نحتاج إليه، أو ما ظل خياراً لنا، بعد الفشل في عبور مشروع الطائفية، البحث عن صيغٍ لتشكيل كتلة تاريخية وطنية خارقة لها ولمحاصصاتها وأفانينها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram