منذ عشرين يوماً كتبتُ هنا متسائلاً باستنكار عمّا إذا كان مجلس النواب هو "برلمان أم خان جغان؟". المناسبة كانت قيام نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، المُقال والمُحال وقتها إلى القضاء للتحقيق معه بتهم منسوبة إليه، بالكسب غير المشروع والاستغلال الوظيفي.
مبعث تساؤلي واستنكاري أنّ الأعرجي كان يومها، ولم يزل حتى اليوم، مواطناً عادياً مثلي، لا يحق له، مثلما لا يحق لي، الدخول إلى مبنى مجلس النواب إلا بطلب رسمي مُسبق من أحد الأعضاء أو إحدى اللجان أو أحد الموظفين في المجلس. وحتى لو دخل الى المبنى على وفق الاصول فليس من حقه استخدام المركز الإعلامي ،لأنه لا يحمل أية صفة برلمانية او حكومية..
الأعرجى دخل يومها إلى المجلس ومركزه الإعلامي ليعلن أنه أقام دعوى قضائية ضد رئيس هيئة النزاهة الذي أحاله مع مسؤولين سابقين آخرين في الدولة إلى القضاء. بالطبع فان هيئة النزاهة مهمتها الأساس التحقيق في قضايا الفساد الإداري والمالي وإحالتها إلى القضاء الذي له وحده سلطة تبرئة المتهم أو تجريمه، ولا تبعة تقع على الهيئة عما تقوم به.
في العمود الذي تضمن تساؤلي المستنكر دخول الأعرجي إلى مبنى مجلس النواب ومركزه الإعلامي كتبتُ:"رئيس مجلس النواب وسكرتارية المجلس والمركز الإعلامي للمجلس مطالبون بالإيضاح كيف جرى ما جرى أمس على هذا الصعيد ومَنْ المسؤول عنه، وما هي الإجراءات التي ستُتّخذ في حقّ المسؤولين؟ .. بخلاف هذا سيكون علينا من الآن فصاعداً أن نُسمّي مجلس النواب: خان جغان!".
مرّ الآن عشرون يوماً على واقعة بهاء الأعرجي تلك وتعليقي عليها، ولم يصلني أي إيضاح من رئاسة المجلس وسكرتاريته ومركزه الإعلامي. قانون حقوق الصحفيين الصادر عن مجلس النواب في العام 2011 يبيح لي حق الحصول على المعلومات التي طلبتها، وهو يُلزم رئاسة المجلس وسكرتاريته ومركز الإعلامي بالردّ على ما كتبته. سأحتفظ بهذا الحق وأطالب به حتى تلبيته.
في غضون ذلك قمتُ بتقصّي الأمر، فحصلت على معلومات أفادت بأن الأعرجي دخل إلى مجلس النواب في ذلك اليوم ببطاقة دخول قديمة لم تُسحب منه، وأنه قبل ذلك أراد استخدام المركز الإعلامي إلّا أنّ المسؤولين في المركز رفضوا تحقيق ما أراد ، لأنّ لوائح المجلس لا تسمح لهم، فما كان منه إلّا أن جلب موافقة من "جهة عليا" أمرت بفتح أبواب المركز الإعلامي له.
أفهم أنّ "الجهة العليا" التي أمرت بتمكين الأعرجي من استخدام المركز الإعلامي لمجلس النواب لأغراضه الخاصة لا يمكن أن تكون غير رئيس المجلس أو نائبه الأول أو نائبه الثاني.
هؤلاء الثلاثة أُطالبهم الآن، استناداً إلى أحكام الدستور الذي يحكمون باسمه وإلى قانون حقوق الصحفيين الذي شرّعه مجلسهم،أن يجيبوني على السؤال الآتي:
بإيّ حقّ سمحتم لبهاء الأعرجي في ذلك اليوم بعقد مؤتمر صحافي في المركز الإعلامي؟
عدم الجواب سيضعكم في دائرة شبهة الفساد!
عَوْدٌ إلى البرلمان وخان جغان!
[post-views]
نشر في: 12 مارس, 2016: 06:03 م