TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراقي يقرأ

العراقي يقرأ

نشر في: 15 مارس, 2016: 09:01 م

حمل الكتاب ،خاصة بين الشباب طلاب الجامعات  في سبعينات القرن الماضي، كان مظهرا مألوفا مع  البنطلون الشارلستون ، والشعر الطويل ،  والقميص  بياقة "اذن الفيل"  . في تلك السنوات كانت اسعار الكتب مقارنة  بدراهم الشاب مرتفعة نسبيا ، فيتجه القراء الى المكتبات العامة المنتشرة في جميع المدن العراقية او اللجوء الى الاستعارة بضمانات تكفل اعادة الكتاب الى صاحبه  خاليا من اي تشويه او كتابة في صفحاته .
على وفق قاعدة "مجنون من أعار كتاباً ومجنون من أعاده" ، قطع اشخاص علاقاتهم  بأصدقائهم  بسبب كتاب ضاع حبره بين القبائل . ولتفادي هذا الخلاف اضطر اصحاب الكتب الى إعداد قائمة استعارة ، تحفظ لهم حقوقهم ، وهناك من اعتمد على ذاكرته فلاحق شخصا طلب منه كتابا لم يعده ، فاتهمه بسرقة ممتلكاته الثقافية .
 مع الإقبال الواسع على القراءة في سنوات الاستقرار السياسي  في العراق،  كان اصحاب المكتبات في شارع السعدون يدخلون كل مساء في حالة انذار ، لمنع سرقة كتبهم من رفوفها ، ولطالما ضبطوا شخصيات ثقافية معروفة بالجرم المشهود . وفي تقرير  بثته إذاعة أجنبية ،   تحدث شعراء وكتّاب عن اول كتاب سرقوه .  احدهم قال انه اضطر الى سرقة ديوان الحلاج بشرح المستشرق ماسينيون ، وآخر  جرب مغامرته الاولى بسرقة مذكرات بابلو نيردوا وكان ثمن الكتاب دينارا و800 فلس .  اما اشهر سرّاق الكتب فمعروف بين اصحاب المكتبات في شارع المتنبي ، وله اسلوبه الخاص في الوصول الى الكتاب المفضل  بطريقة لم تخطر على بال "الحواسم" السابقين والحاليين .
فعالية "انا عراقي انا اقرأ"  تبناها  شباب  فنانون وإعلاميون : غضنفر لعيبي ، بسام عبد الرزاق ، حامد السيد ، حسام الحاج ، واخرون ، لجعل الكتاب مشاعا بين القراء ، بجمعه وتوزيعه بين القراء . الفعالية نالت اعجاب الأوساط الثقافية العراقية والعربية بوصفها مبادرة تهدف الى الانفتاح على الحياة بنشر المعرفة والجمال لتعزيز قدرة الانسان على مواجهة الخراب بكل أشكاله ومظاهره ، طموحات أصحاب المبادرة كانت تتطلع  الى تخصيص يوم وطني للقراءة في العراق. لكن هذه الرغبة  لم تجد آذانا صاغية من المسؤولين والجهات الرسمية  ، فهي من وجهة نظرهم  نزوة عابرة لاتستحق الاهتمام ، او موضة موسمية ، فقاعة سرعان ما تنفجر .
 فعالية "أنا عراقي أنا أقرأ" جمعت حتى الآن  اكثر من سبعة آلاف كتاب ،  مؤسسة ثقافية تبرعت بأكثر من مئتي كتاب ، وسط وعود  اخرى من أصحاب دور النشر لرفد المبادرة بالمزيد ، وحتى الأن لم تتحرك جهات سياسية تدّعي امتلاكها مؤسسات ومنظمات ثقافية  لدعم الفعالية ،لانشغالها بالحديث عن "الفقاعات" وخطورتها على العملية السياسية في العراق .
"أنا عراقي أنا أقرأ " تجربة رائدة صنعها شباب وجدوا في الكتاب فرصة للانتقال الى ضفة اخرى خالية  من فقاعات الساسة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد

    نصيحة معرفية لهؤلاء الشباب الرائعين بأن يتمعنوا جيدا في مشروعهم المعرفي واقصد الكتاب على وجه التحديد وعملية قراءته العقيمة في مجتمعنا الشرقي ذي التفكير العمودي لذا فان الكتاب هو الاخر وقراءته وفكرة اقترانه بوجود الفرد وعراقيته هو محض افتراض وسخرية والمشر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram