TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صيدلية "نشر الداء"

صيدلية "نشر الداء"

نشر في: 16 مارس, 2016: 09:01 م

 "الصيدليات الخافرة هذه الليلة" ،  يذكرها  مذيع نشرات الاخبار في التلفزيون الرسمي او الاذاعة  العراقية  في الفقرة الاخيرة من النشرة ، معظمها يحمل عنوان الشفاء ،في اشارة واضحة الى رغبة اصحاب الصيدليات في  ان  تكون العافية تاجا على رؤوس جميع الزبائن . وزارة الصحة كانت  تصدر يوميا جدولا  يضم اسماء  الصيدليات الخافرة واماكنها في بغداد والمحافظات ، وسائل الاعلام تنشر  الجدول مجانا  انطلاقا من مبدأ خدمة الجمهور، وتحتفظ سيارات شرطة النجدة بنسخة من القائمة ، احيانا تبدى استعدادها لنقل الشخص الى موقع الصيدلية  للحصول على الدواء ، ثم تعيده الى منطقة سكنه ، يوم كان شعار الشرطة في خدمة الشعب فعالا والعلاقة بين الطرفين  ودية لم تصل الى حد التقاطع .
صيدليات  الشفاء كانت تبيع ادوية تستوردها وزارة الصحة ، تخضع لشروط التقييس والسيطرة النوعية ، البيع بموجب ترخيص رسمي  مع وجود فرق مراقبة  تقوم بزيارات اسبوعية  للتاكد من التزام اصحاب الصيدليات بضوابط وتعليمات الوزارة .   مقابل ذلك لم يكن المريض يواجه صعوبة في الحصول على العلاج ، الدواء متوفر باسعارمحددة ، ومن مناشئ عالمية معروفة ، ثقة الزبائن  بالصيدليات واصحابها تجعل المرضى يتناولون الدواء من دون تردد ، لا احد يسأل عن الشركة المصنعة ، او الخوض في حديث عن دواء يعمل وآخر لايصلح للاستهلاك البشري.
 اعلنت  مصادر أمنية قبل ايام القبض على اشخاص متورطين بافتتاح صيدليات وهمية ، بعد التحقيق اعترفوا بأنهم كانوا يبيعون ادوية منتهية الصلاحية ، تدخل من دول الجوار عن طريق محافظة ديالى ، مصدر الدواء معروف ، ديالى لاتجاور اثيوبيا وارتيريا ،  في ضوء الحقائق الجغرافية هناك  جهات تقف وراء دخول الدواء الى المحافظة ثم  تسهيل وصوله الى صيدليات العاصمة "الوهمية" التي لايديرها  مختصون  بل اشخاص انتحلوا المهنة لتحقيق الربح السريع على حساب حياة الابرياء من المرضى .
الصيدليات الوهمية مارست نشاطها منذ سنوات  لغياب الرقابة الرسمية ، وزارة الصحة والبيئة هي الجهة المسؤولة عن مراقبة مثل هذه الدكاكين في العاصمة والمحافظات ، لأنها عطلت عملها الرقابي بإرادتها ، وتخلت عن تعليق لافتتها  الشهيرة "اغلق المحل لمخالفته الشروط الصحية " على واجهات المطاعم والصيدليات وحتى العيادات ،  ربما تكون قلة الكوادر الرقابية في الوزارة وراء بروز الظاهرة ، على الرغم من ذلك ،  يبقى فرض العقوبة في الظروف المتاحة عاملا لردع المخالفين الاخرين.
 مطلع سبعينات القرن الماضي  انتشر استخدام محرار طبي يحمل نجمة سداسية بدعوى انه  صناعة اسرائيلية ،  وزارة الصحة عممت  كتابا لدوائرها يقضي بمنع استخدامه  وإتلافه  بتشكيل لجنة  في المستشفيات والمركز الطبية ، في يوم واحد  اختفى المحرار ، من الاسواق والمؤسسات الصحية ، بعد مراجعة سجلات الوزارة تبين ان النجمة السداسية الفضية   ماركة  شركة  اجنبية لتصنيع مستلزمات طبية ، وزارة الصحة وقتذاك  اتخذت قرارها  احتراما  للمشاعر القومية  وطز بالمحرار،  في زمن  اختفاء صيدليات الشفاء ،  ظهرت دكاكين نشر الداء  المستورد من دولة  مجاورة للكونغو .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الشمري فاروق

    الصديق العزيز علاء ...ان من حسنات وزارة الصحه منذ العهد الملكي والعهود الجمهوريه يتم استيراد الدواء حسب شروط وضعتها هي... ان يكون الدواء المستورد يستعمل في بلد المنشأ ...والاستيراد من دول معروفه بجودت صناعة الادويه فيها وكان العراق يستورد الادويه من امر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram