TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المستنصرية تكسر ضلوعنا!

المستنصرية تكسر ضلوعنا!

نشر في: 19 مارس, 2016: 06:23 م

بالتعاون بين الحكومة العراقية وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)عُقِد في بغداد في 16 أيلول من العام الماضي مؤتمر شارك فيه أكثر من مئة شخصية إعلامية وأكاديمية ومن المجتمع المدني، للبحث في  "دور صناع الرأي العام في دعم المصالحة السياسية والمجتمعية".
غاية المؤتمر كانت مناقشة كيفية خلق شراكة حقيقية بين لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية في مكتب رئيس الحكومة وقادة الرأي العام لدعم عملية المصالحة الوطنية. وقد استغرقت التهيئة للمؤتمر عدة أشهر، حيث كُلّف أكاديميون وإعلاميون بإعداد أوراق تبحث في هذا الموضوع، وانتهى المؤتمر إلى جملة من التوصيات وإلى تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات. اللجنة تألفت من متطوعين ـ أحدهم كاتب هذه السطور– عقدوا العديد من الاجتماعات في ما بينهم ومع مستشار المصالحة الوطنية ومع مسؤولي يونامي، واجتهدوا في تقديم مقترحات وفي إعداد برامج لتعزيز روح التسامح والغفران والمصالحة في المجتمع بمختلف قطاعاته وعبر مختلف الوسائل، الإعلام، الفن، التعليم وسوى ذلك.
الآن أشعر بأن لا جدوى من عمل هذه اللجنة ومن عمل كل اللجان والهيئات التي انشغلت في السابق وتنشغل الآن وفي المستقبل بهذا الموضوع .. إنه جهد ضائع يستنزف الوقت ويكلّف أموالاً من الأولى فتح مستوصفات أو مدارس أو تعبيد طرق بها.
ما نفع أن تُحرق الأعصاب ويُبدد الوقت وتُنفق الأموال الطائلة في مؤتمرات وندوات وبرامج وأعمال لإقناع الرأي العام، أو قطاعات منه، بأهمية وضرورة المصالحة، ثم تأتي مجموعة من الشبان الأغرار غير الناضجين، من الخاضعين لسلطة وسطوة حزبيين حاقدين أو ملالي من الدرجة العاشرة، لتنتهك الحرم الجامعي وتقدّم فيه تمثيلية لا يَصحُّ أن تُقدّم حتى في حسينية .. تمثيلية عن قصة  تاريخية غير ثابتة، بل ربما ملفّقة من الأساس؟
إنني أتحدث عن التمثيلية التي قُدّمت في الجامعة المستنصرية منذ أيام عن "كسر" خليفة الرسول الثاني وأحد صحابته المقربين، عمر بن الخطاب، ضلع السيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول وزوجة الإمام علي! .. هي تمثيلية جرت في حرم الجامعة المستنصرية عن حادثة غير مؤكدة والروايات عنها غير مُسندة، ويُشكّك فيها وينفيها العديد من فقهاء الشيعة وأعلامهم ومؤرخيهم  أنفسهم، ومنهم العلامة الراحل آية الله محمد حسين نصرالله، فضلاً عن الفقهاء والأعلام والمؤرخين السنّة وغيرهم.
هذا العمل الأخرق، من حيث الجوهر ومن حيث المكان الذي قُدّم عليه والزمان الذي عرض فيه، هو من النوع الذي يكسر فعلاً عظم السيدة الزهراء، بل يكسر ضلع كلّ عراقي وطني، لأنه يثير الأحقاد والضغائن والكراهية ويقصم ظهر الوحدة الوطنية المطلوبة ويعصف بكلّ الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة.
في بلاد أخرى تحترم الدولة فيها نفسها ورعاياها وتحترم حكومتها نفسها ومواطنيها وتحترم وزارة التعليم العالي فيها نفسها وتحترم الجامعة نفسها وتحترم الكلية نفسها وطلبتها، ما كان سيجري التعامل مع عمل أخرق بهذا بالصمت وعدم الاكتراث .. في الدول المحترمة، كان هذا العمل الأخرق سيتسبب في إقالة عميد الكلية ورئيس الجامعة ووزير التعليم العالي من مناصبهم في الحال إن لم يستقيلوا من تلقاء أنفسهم احتراماً لأنفسهم وكليتهم وجامعتهم ويعلنوا اعتذارهم عما فعله "الزعاطيط".  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ييلماز جاويد

    أبو المثل يگول وراء كل مخلص ألف مخ لص . حتى لو بنيت ، يوجد مَن يهدم ، والهدم أسهل من البناء . المهم لا توجد عند أصحاب القرار النية في البناء ، إن لم يكونوا مشاركين في الهدم فعلاً .

  2. جلجامش

    سيدنا علي الذي اقتلع باب خَيْبَر يترك عمر ومعه رجلين فقط يكسر ضلع زوجته التي بنت الرسول وبني هاشم الذين ذهبوا مع الرسول الى شعب بني طالب يتركون عمر يهينهم . ان من يصدق هذه الرواية يثبت على نفسه انه لا عربي ولايعرف تقاليد العشائر العربية ويقبل على نفسه مث

  3. احمد علي

    تصويب : محمد حسين نصرالله ... الصحيح محمد حسين فضل الله .

  4. أبو أثير

    حكومة من طراز العبادي ... ووزارة تعليم عالي من شاكلة الشهرستاني ... وعميد جامعة المستنصرية ... جميعهم يتحملون ما قدم من رواية ساذجة كاذبة للتأريخ ألأسلامي ..... وطلبة جامعة من هذا المستوى من ألأسفاف ألأخلاقي وألأسلامي .... ولو كانوا محدودي العدد والعقل ..

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram