إذا كنت لاتزال راغباً في متابعة أخبار كوميديا الإصلاح ، هناك أخبار جديدة وممتعة ، فقد تحققت مطالب المحتجّين : القوات الأمنية فتحت جسري الجمهورية والسنك أمام حركة المركبات ، خبر سعيد آخر: الرئاسات تتضامن مع مطالب المتظاهرين ، خبر أكثر طمأنينة : المجتمعون يطالبون بتطبيق الإصلاحات ، وسوف تلاحظ شيئاً آخر في نشرات الاخبار وهي تنقل بيان الاجتماع ، إن هذا الشعب الذي يشكو غياب الأمن والأمان والاستقرار ، أخبروه أنّ هناك تعديلا وزاريا في الطريق ، وإذا كنت ستتابع تعليقات السادة النواب الافاضل ، حتما ستلاحظ مثل جنابي ، أن الجميع يبدون سعداء ، وكأنهم حققوا النصر المؤزر ، كلّ سياسي يخرج بعد الاجتماع ، سيتحدث عن المؤامرة التي أجهضها اجتماع الرئاسات الثلاث وعن مخططات الإمبريالية، وعمّا يُرسم لهذا الوطن من مصير أسود لو أن حسين الشهرستاني غادر كرسيّ وزارة التعليم العالي ، أو فقدت الخارجية العراقية واحدا من اكبر دبلوماسييها، وأعني به بالتأكيد إبراهيم الجعفري .
المجرم الاول والاخير هو دائماً الامبريالية ، التي يوماً نحتفل بطردها ونشر صور بطل السيادة ، ويوماً آخر نعرض عليها ان تكون بغداد أمانة في رقبتها .
هل من جديد: أخبار من داخل اجتماع التحالف الوطني، تقول إن العقدة في التغيير هي تمسّك وزيرين بمنصبيهما ، الاول حقق ثورة كبيرة في التعليم فجعل جامعات العراق في المراكز الاولى ، ومن يريد دليل اُحيله الى مسرحية كلية السياحة ، والثاني استطاع ان يُدخل مفردات جديدة الى قاموس الدبلوماسية العالمية.
قبل أن أسمع بيان الرئاسات الثلاث ، كنت أنوي الكتابة عن طه حسين وكيف سحر القراء بأسلوبه السهل الممتنع ، فقبل ايام أعدت ربما للمرة الثالثة او الرابعة ، قراءة كتاب " ما بعد الايام " الذي كتبه الدكتور "محمد حسن الزيات" السفير و زوج ابنة العميد ،وفي الكتاب يروي الزيات كيف حضر النحاس باشا إلى منزل طه حسين دون موعد سابق، ليفاجئه بأن يطلب منه أن يتقلد منصب وزير المعارف في حكومته ، فيكون شرط طه حسين هو : " وإذا أصبحت أنا وزيرًا للمعارف فإن رفعتكم ستحبون قطعًا إعلان مجانية التعليم في أول خطاب تلقونه أمام البرلمان " ويسأل "النحاس": هذا شرط؟ فيجيبه "طه حسين" نعم شرط لن اتنازل عنه .
ويخبرنا "طه حسين" بأنه لم يكسب لنفسه جاهًا أو مالًا فقد كان غنيًا، وإنما كسب للمصرين قرار مجانية التعليم ، ورغم ذلك حين هبّت العاصفة عليه بسبب مناهج التعليم التي رآها شيوخ الازهر تمسّ العقائد ، قدّم استقالته ، دون ان ينتظر اجتماع الرئاسات ، او اعتصام المتظاهرين او بيان يبشّر الناس بفتح جسر السنك والجمهورية !
مابعد أيام الجعفري والشهرستاني
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2016: 07:03 م