TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كبار البلـد

كبار البلـد

نشر في: 21 مارس, 2016: 09:01 م

لم يعرض التلفاز يوماً لقطات من اجتماع مجلس الوزراء او اجتماعات رؤساء الكتل إلا وشاهدنا الجميع يوزعون ابتساماتهم في ما بينهم لدرجة أن مَن لا يفهم دروب السياسة ربما سيشعر ببعض الاطمئنان ويظن ان (كبار البلد) اتفقوا اخيراً وسيحدث اجتماعهم فرقاً في حياتنا المرتبكة ..ويمر الاجتماع كغيره وتطل علينا الوجوه نفسها منفردة، كل على قناته التي يملكها او القناة التي يجد صوته صادحاً فيها ليحلل الوضع السياسي ويلقي باللوم على الفساد المستشري في البلد وضرورة محاربته وتحقيق الاصلاح الفعلي ..ولن ينسى طبعا ان يتهم مَن يقف حجر عثرة في طريقه بأية تهمة تجعله زائداً عن حاجة البلد الى الأمن والأمان وربما يفضح ملفات فساده او يصفه بأبشع الصفات التي تتنافى حتماً وعرض الابتسامات التي تبادلونها ضمن قاعة الاجتماع ...
ولم يمر يوم إلا ونكتشف صفقات فساد جديدة وأيدي متورطة فيها لمسؤولين كبار او مَن يعمل معهم او يأتمر بأمرهم فتقوم الدنيا ولا تقعد وتطل علينا عشرات الوجوه لتطالب باحقاق الحق والقضاء على الفساد ويتحدث كل منهم بطريقة مَن اعتاد النزاهة أسلوباً لحياته ، وهكذا ، وبالتدريج يكتشف المواطن العادي ان الجميع نزيهون ويطالبون بالنزاهة ويرفضون الفساد فيضيع لديه (راس الخيط) ويزداد تشابك خيوط (الشليلة) وتختلط لديه المفاهيم وحتى الوجوه فيتساءل ببراءة : مَن هو النزيه إذن ؟ ومَن هو الفاسد حقاً ؟
لقد اعتاد المسؤولون في بلدنا على اتباع قاعدة "اكذب ...اكذب..حتى يُصدقُك الآخرون " كما قال وزير الدعاية النازي غوبلز من قبل، فضاعت الحقيقة بينهم ..وصار على المواطن العادي ان يكتشف بنفسه حجم الكذب ومقدار الصدق إن وجد ثم يحكم على الوجوه ذاتها متأثرا غالبا بخطاباتها النارية التي تعزف على أوتار حساسة في أعماقه كالانحياز الى العرقية والمذهبية او الطرق على معدن (المشاركة) و(الوحدة الوطنية) و(نبذ الطائفية) لتشكيل لوحة فنية جديدة تختلف ملامحها عن ملامح الدورات السابقة فلكل مرحلة لونها ومذاقها الخاص والمرحلة الحالية تتطلب توزيع ابتسامات جديدة والمناداة بمحاربة الفساد ونبذ الأحقاد والطائفية ...اين التقصير إذاً ؟ ومَن المسؤول عما يحدث ما دام المسؤولون متفقين جميعا على الخطوط العريضة ويواصلون تبادل الابتسامات العريضة في قاعات الاجتماعات الحاسمة حتى لو تبادلوا أبشع الاتهامات خارجها.
ربما يكمن الخلل إذن في المواطن ذاته فليس عليه ان يصدق أياً من التصريحات او المزايدات مهما بدت وكأنها تصب في مصلحته ..عليه ان يؤمن أولاً أن المسؤولين إذا اتفقوا على الضحك على أبناء شعبهم في قاعات الاجتماعات فسيواصلون الضحك عليهم خارجها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram