على الرغم من قلة التوثيق في السينما العراقية وقلة الإصدارات السينمائية في العراق وضياع الكثير من أرشيف السينما العراقية وقصور المكتبة السينمائية العراقية مقارنة مع باقي العلوم وأصناف المعرفة وثراء مكتباتها ، بقيت مكتباتنا السينمائيه تعاني من النقص ال

على الرغم من قلة التوثيق في السينما العراقية وقلة الإصدارات السينمائية في العراق وضياع الكثير من أرشيف السينما العراقية وقصور المكتبة السينمائية العراقية مقارنة مع باقي العلوم وأصناف المعرفة وثراء مكتباتها ، بقيت مكتباتنا السينمائيه تعاني من النقص الكبير في توثيق تاريخ السينما العراقية . فمنذ عام 2003  نشطت الحركة السينمائية في العراق حيث تمت صناعة الكثير من الأفلام القصيرة التي تحاكي واقع الحياة العراقية وتوثق سيولة الحياة الفيزيائية بطريقه سينمائيه وفنيه عبر استخدام تقنيات بسيطة جدا . كما شاركت هذه الأفلام في مهرجانات سينمائيه دوليه مهمة وحصدت العديد من الجوائز اضافت الكثير إلى السينما العراقية كما شهد العراق نشاطات سينمائيه كبيره على مستوى المهرجانات المحلية وصناعة الأفلام .
ولحاجتنا الماسة لتوثيق هذه النشاطات السينمائية العراقية , فقد جاء كتاب(السينما العراقية عام2015) تأليف الناقد السينمائي "مهدي عباس" والصادر حديثا عن إدارة سينما مول المنصور بُغية توثيق كل شاردة وواردة عن السينما العراقية خلال عام 2015 , وهو نهج دأبَ عليهِ الناقد "عباس" الذي سبق أن صدرت لهُ مجموعة من الكتب التي توثق السينما العراقيه ومنها (السينما العراقية عام 2013 - 2014) الصادر عن دار الجواهري وكذالك كتاب (أفلام ولكن) الذي تناول أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية وكتاب (بغداد في عناوين الافلام ) الصادر عن دار العدالة للطباعة والنشر ببغداد . جاء الناقد "عباس" بإصداره الجديد هذا متضمناً سبعة فصول , الاول حمل عنوان (نشاطات سينمائية ) ، فقد كان عام 2015 حافلا  بالنشاطات السينمائية المحلية من مهرجانات وعروض لأفلام سينمائيه بشكل منفرد واصدارات في السينما العراقية . أما الفصل الثاني فجاء ليوثق لنا مشاركة الافلام العراقية في المهرجانات الدوليه في عام 2015 والتي تجاوزت (200) مهرجان سينمائي في مختلف انحاء العالم والتي تصدرت فيها السينما الكردية قائمة هذه المشاركات تليها الافلام العراقية المنتجة في المهجر ثم افلام المركز العراقي للفيلم المستقل وافلام الشباب وبعض من افلام بغداد عاصمة الثقافة العربية . كما وثق عباس جميع الجوائز التي حصلت عليها الافلام العراقية في الفصل الثالث من هذا الكتاب والتي بلغ عددها اكثر من 60 جائزة في مختلف اصناف الفيلم . تصدر فيلم (انا سامي) للمخرج الكردي كي بهار هذه الجوائز حاصد (14) جائزة ، يليه فيلم المخرج الكردي سهيم عمر (ميسي بغداد) والذي حاز على ( 11) جائزه ، ويليه فيلم (ذكريات ) لشوكت أمين كوركي بـ (7) جوائز والفيلم الوثائقي الطويل (العراق سنة صفر ) لعباس فاضل بـ(5 ) جوائز . كان للعروض السينمائيه التجارية في سينمات مول المنصور والنخيل ببغداد جزء مهم في كتاب مهدي عباس، هذا ماحمله لنا الفصل الرابع من الكتاب حيث بلغ عدد الافلام المعروضة (165) فيلما من جنسيات مختلفة بينها 15 فيلم رسوم متحركة (كارتون) و17 فيلما عربيا . كما كانت للفيلم الامريكي حصة الاسد والتي بلغ عددها 90 فيلما ، وافلام اخرى كان الانتاج فيها مشتركا وافلام كندية وفرنسية وبريطانية وعربية وعراقية ، الا ان الافلام العربية لم تلاقِ اقبالا جماهيريا واسعا. كانت الصداره للأفلام الأمريكية والسبب ،من وجهة نظري، يعود الى ان عين المتفرج العراقي اعتادت على مشاهدة افلام الحركة والاثاره والاكشن التي تعتمد على الايقاع السريع . وهذا ما تتصف به الافلام الامريكية لتحقق اعلى ايرادات شباك التذاكر في السينمات العراقية والعالمية  . ان عام 2015 لم يخلُ من اصدار المؤلفات السينمائية ، ففي الفصل الخامس من الكتاب كانت لهذه الاصدارات حصة على الرغم من شحتها والتي بلغ عددها خمسة اصدارات سينمائية ثلاثة منها لنفس المؤلف كما شرح لنا هذه الاصدارات بشكل مختصر مبينا مضمونها واهميتها . أما الفصل السادس من الكتاب فقد تناول ابرز المحطات للسينمائيين العراقيين الذين غادرونا في عام 2015 وابرزهم ( الفنان الراحل خليل شوقي والفنانة الراحله فريال كريم ) وآخرون . ان الازمة الاقتصادية التي يمر بها العراق كان لها تأثير واضح على الانتاج السينمائي العراقي حيث وثق عباس في كتابه جميع الافلام التي انتجت في هذه الظروف الصعبة من عام 2015 . هذا ما احتواه الفصل السابع من الكتاب وهو ان الازمة المالية التي تعاني منها دائرة السينما والمسرح اثرت على الانتاج السينمائي العراقي كونها الجهة الانتاجية الحكومية المسؤولة عن السينما العراقيه في بغداد وعلى الرغم من شحة الدعم الحكومي لهذه المؤسسة الا انها استطاعت ان تنتج مجموعة من الافلام القصيره بميزانيات بسيطه جدا على العكس من مديريات سينما اقليم كردستان التي ازدهر الانتاج فيها حيث قامت هذه المديريات بإنتاج ثمانية افلام روائية طويلة ومجموعة كبيرة من الافلام الوثائقية والروائية القصيرة . وقد احتوى هذا الفصل جميع الافلام العراقية المنتجة في عام 2015 ذاكرا فيه اسم كادر العمل الفني والممثلين والمخرج والسيناريست وكذلك البوستر لجميع الافلام . قسّم المؤلف هذا الفصل الى جزءين ، الاول تناول الافلام الطويله وجاء الجزء الثاني منه موثقا جميع الافلام القصيره . ويعد عباس من اهم المؤلفين السينمائيين في العراق لما يمتلكه من خزين معرفي وجمالي عن اغلب الافلام العراقية والعالمية والعربية . يمتلك عباس لغة انكليزية جيدة ساعدته بترجمة العديد من الافلام الاجنبية في المهرجانات الى اللغة العربية ومن ثم توثيقها . انا شخصيا اعده موسوعة سينمائية متنقلة ويعد مرجعا لجميع الباحثين والدارسين في مجال السينما العالمية والعراقية على وجه الخصوص . وقد اشرف مهدي عباس على صفحات السينما في عدة صحف ومجلات عراقية وشارك في الكثير من لجان فحص النصوص والافلام في دائرة السينما والمسرح ، كما شارك في عدة لجان تحكيم سينمائية داخل العراق . اصدر مهدي عباس اول جريدة سينمائية في العراق هي "عالم السينما" وصدر منها 14 عددا .  قام بترجمة وحوار عدة افلام عراقيه الى الانكليزيه واصدر 11 كتابآ منذ عام 1997 حتى عام 2016 كلها تهتم بشأن السينما العراقية , نُبارك لهُ هذا الجهد النقدي التوثيقي للسينما العراقية .