تحاول الدول التي لا تنشغل بمعركة إطلاق سراح محمد الدايني ، ولا تنتظر ان يعود ظافر العاني من غيبوبته السياسية ، ولا يهمها إن غرد الجعفري أم صمت ، الحصول على اعتراف دولي بوجودها، من خلال وسيلة واحدة، هي بناء البلدان وتنمية قدرات الناس، وقد أخفقت كوريا الشمالية، في أن تصبح مثل شقيقتها الجنوبية على خريطة الدول المرفهة ، لكنّ الرؤوس النووية تمنحها كل يوم فرصة لتصبح الخبر الاول في معظم صحف العالم،
منذ سنوات ونحن نشتم أميركا والغرب، ونرفع راية " السيادة او الموت الزؤام لكن ما إن نصب المعتصمون خيامهم على ابواب المنطقة الخضراء حتى وجدنا اصحاب السيادة يلوحون بالقوات الاميركية الصديقة.
يخبرنا مؤلف سيرة الرئيس الصيني دينغ شياو بينغ ، بأن الرجل كان دائما ما يستشهد بمقولات لساسة غربيين ، وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سمع يوما احد الوزراء يعترض : " تريدنا ان نعجب بالنموذج الاستعماري " رد عيه وهو يبتسم :" ليس المهم لون القطة أبيض أم أسود ، اشتراكية أم إمبريالية ، ما دامت القطة تصطاد الفأر فهي قطة جيدة "
حين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام، فان الأمر يدخل أيضا في قائمة المؤامرات الامبريالية ، والعداء للتجربة السياسية ، فلا مشكلة أن نفشل في إدارة مؤسسات الدولة ؟ وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لم يدخلوا يوما مكتبة عامة، ولا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب علي الوردي
وفي سيرة دينغ الممتعة التي ترجمت الى العربية مؤخرا نقرأ ، ان الزعيم الصيني كان يواجه ضغوطات كبيرة ، من اجل ضم هونغ كونغ بالقوة ورفع العلم الصيني على مبانيها ، لكنه رفض وانتظر انتهاء انتداب الإنكليز ، وكان يرد على معارضيه " اتركوا الإنكليز يهتمون بالقشور ، فقلب الثمرة أكثر نضجا "
في ثنايا السيرة نكتشف ان دينغ كان معجبا بأفكار الهندي جواهر لال نهرو ، كيف استطاع هذا الارستقراطي ان ينشئ دولة مدنية لاتخضع لخرافات الملايين. لقد أنشأ مجلسا أعلى للسلطة في الهند من ذوي العقول النيرة مهمتهم إعلاء شأن الدولة لا العقيدة ، طل نهرو يردد امام جميع خصومه :الدولة أساس كل شيء ، وحين اعترض السيخ قال لهم : اعتنقوا ما شئتم من العقائد ، لكن غير مسموح اعتناق اكثر من هند واحدة "
لا يعترف المسؤول " الطائفي " بالخطأ ويعتقد ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل.. وحين يتحول بلد بغنى وثروات العراق إلى بلد مفلس يخضع لحكم " الطائفة والعشيرة "، فالأمور لا تتعدى تجارب تخطئ وتصيب ، المهم ان ورقة الإصلاح لاتزال متداولة بين الجميع .
قطّة دينغ وسيادة العراق
[post-views]
نشر في: 23 مارس, 2016: 07:24 م