مثل مسافرٍ غشيمأخذتُ القطارَ النازلَ إلى الأهوارِقميصي مفتوحٌودفاتري جديدةفي العربةِ المعتمة.سمعتُ هاتفاً:".. فأنا القادمُ من أخطائي". (*)وجهه يشبهُ من هربَ من السجنِ توّاً،ويداهُ صغيرتانِ مثلَ فالتينِ لاصطيادِ الحندقوقِ،بدأ بالغناء:"يابو محابس شذر/
مثل مسافرٍ غشيم
أخذتُ القطارَ النازلَ إلى الأهوارِ
قميصي مفتوحٌ
ودفاتري جديدة
في العربةِ المعتمة.
سمعتُ هاتفاً:
".. فأنا القادمُ من أخطائي". (*)
وجهه يشبهُ من هربَ من السجنِ توّاً،
ويداهُ صغيرتانِ مثلَ فالتينِ لاصطيادِ الحندقوقِ،
بدأ بالغناء:
"يابو محابس شذر/ يلشاد خزامات/ يا ريل بلله بغنج/ من تجزي بام شامات/
وأنا جمهوره الوحيد
بينما نام الجميع،
حتى هبّتْ من بعيدٍ رائحةَ الماءِ المشوي
ببنادقِ الدولة...
"خذني أذلّ الدولة لو رادت تذل اجروحك".
قال لي الهاتف: أنظر!
قلت: جوقاتُ نسوةٍ في موكبِ مشاحيف محملة بقصبٍ أخضر
ردّ بامتعاض: بل ناياتٌ تشهقُ وهي تكتشفُ الأهلة والنجومَ الخبيئةَ تحتَ العباءاتِ.
أهواريون روّادُ عمارة وتشكيل وهم يشيدون بيوتهم بأيديهم وأرجلهم،
الشاعر يغوص عميقاً في جذور الماء
التقطَ الكثير من اللؤلؤ ليزين به خشوم البناتِ وسيقانهنّ
حتى الجاموسة التقطَ لها صورة بعدسته السحرية
وإذ يستيقظ النيامُ يتصاعدُ دخانُ التنّورِ
في غروبِ الشيحِ والخنازيرِ
والليل يغطي النهدَ واللعبَ بالنارِ
أصابعِ الولدِ تلحسُ نهدَ البنتِ
البنتُ تتمنعُ راغبةً: "كَطَعْتْ زرار روحي/ لا تتلّ الزيجْ"
.......
.......
الماءُ أزرقُ والمشحوفُ يلعيبي
يسابقُ الجرحَ في حقلٍ من القصبِ
وليلةُ العرسِ شمعُ العرسِ طرّزها
بكلّ لونٍ من السمّاقِ والذهبِ
وقلبُكَ الحرُّ نباضاً ومرتجفا
حيث اختلاطُ اشتعالِ العشبِ والغضبِ.
.......
.......
يربّي الحمام في زنزانةِ سجن الكوتِ
ويغنّي وحيداً ليدفعَ الجدرانَ ولو لبضعة سنتمترات
لغةٌ حمراء
تتنفسُ التمّن العنبر
وتسرجُ الخيلَ لعبورِ الليلِ
الشاعرُ الشابُ في ثمانينه
يتطلعُ في المرآةِ
ويضحك بأسنان لبنيّة.
8 آذار (مارس) 2016
(*) كل ما بين قويسات من ديوانه "للريل وحمد".