لا نعرف ما إذا كُنا نستطيع غبطة الأحزان ؟ فدخول هذا المكان يخلق في داخلنا هذا التساؤل ، من الصعب أن ننفض الغبار عن الخراب ، فنجد خراباً آخراً ، وكنت أُحاول جاهدةً هُنا أن أقوم بدوري الصحفي ، وأن أطرح أسئلتي على مَن في المكان إلا أن المشهد عظيمٌ
لا نعرف ما إذا كُنا نستطيع غبطة الأحزان ؟ فدخول هذا المكان يخلق في داخلنا هذا التساؤل ، من الصعب أن ننفض الغبار عن الخراب ، فنجد خراباً آخراً ، وكنت أُحاول جاهدةً هُنا أن أقوم بدوري الصحفي ، وأن أطرح أسئلتي على مَن في المكان إلا أن المشهد عظيمٌ حـدّ الصمت ، وموجعٌ حـدّ الصمت أيضاً.
أن تُلامس خراب تأريخك وحضارتك وثقافتك أمرٌ يحتاج الكثير من التماسك ، فبعد نفض الغبار عن " مسرح الرشيد " وإفتتاح خشبته الـ " آيلة للسقوط " والإحتفاء بالذكرى الأربعمائة ليوم المسرح العالمي في بنايته المحروقة ، بجهود عدد من المثقفين والمخرجين المسرحيين ، وبمساعدة عدد من الشباب العراقي المتطوعين ، وبالتعاون مع منظمات مجتمع مدني ، وخصوصاً بعد صرف ملايين الدولارات في مشروعٍ وهمي " بغداد عاصمة الثقافة " ، بينما يُعاني مسرح الرشيد من الإهمال منذ عام 2006 وحتى الآن !
الحضور كبير ، والمشهد حزين ، ولكن المسرح يستحق أن نسعى من أجله فهو " نقطة تأريخية مضيئة " كما قال المخرج صلاح القصب الذي ذكر " تشكِّل معمارية مسرح الرشيد ترددا ثقافيا كبيرا حيث انبثقت منه أعمالٌ كبيرة ، ولا يمكن للمدينة أن تكون مدينة مجد إذا لم تنطلق من هذا المكان، فهذه المراكز الثقافية هي التي تشكل حضارة وتأسيس المدينة ، ومسرح الرشيد هو كيان وتردد للمدينة وحضارتها وثقافتها وإعادة هذا الصرح يدل على استمرار الثقافة ."
وأكد القصب أن " المسرح يُشكل ذاكرة وإرثَ وتاريخَ المدينة واستمراريتها على البقاء ، ولقد انبثقت الفكرة بإعادة هذا المجد من خلال شباب يحملون فكراً ينتمي الى ثقافة العراق ، وافتتاحه هو استحظار تاريخ مضيء للمسرح العراقي ."
الفنانون المخضرمون الذين يحملون تأريخاً كبيراً يعدّون هذه الخطوة ليست بخطوة تحوّل، بل هي خطوة لإحراج الجهات المعنية التي أهملت هذا المكان ، والتي لم تحسبه موجوداً وهذا ما أكده الفنان ميمون الخالدي قائلاً " اليوم الافتتاح لا يعد نقطة تحوّل نحن جئنا لتذكير الحكومة أن تلتفت لأهم صرح ثقافي في الوطن العربي وإلا كيف يمكن إحياء جزء ونسيان الكل؟ وكيف يمكن أن يكون المسرح في بناية محترقة ؟"
وأضاف الخالدي قائلاً " هل المسرح مؤهل للعمل اليوم ؟ حيث لا توجد كواليس وستائر وأجهزة فنية ، كيف يمكن أن تكون بناية لمسرح في مكان محترق ، نحن هنا محتجون لتذكير الحكومة بذلك ونحن مستمرين في ذلك لنعيد الألق لهذه العلامة المضيئة ."
الروح الشابة تأمل خيراً وتؤكدُ إصرارها على الإستمرار بالعمل من أجل النهوض بالمسرح العراقي من خلال هذا المكان ، فالفنانون الشباب يصرّون على أن لا تكون هذه الخطوة منحسرة بيوم المسرح العالمي، بل أنها مستمرة لما بعد ذلك كما ذكر الفنان الشاب ذو الفقار خضر قائلاً " حملة إحياء مسرح الرشيد بادر بها المخرجون ، أما نحن جيل ما بعد الحرب سنحدد من خلال عملنا وجهدنا المبذول فيما لو سيستمر العمل على المسرح أم فقط سيعاد إحيائه بشكل مؤقت ."
وأكد خضر قائلاً " خشبة المسرح غير صالحة للعرض ، وهي آيلة للسقوط ، كما أنها تفتقر لأجهزة إضاءة ،ونحن مع ذلك سنعمل على عروض تجريبية ونتمنى بغض النظر عن وجود دعم أن نعيده ثقافياً وليس عمرانياً فقط ." مؤكداً " الحملة هذه بحد ذاتها هي ثورة لرفض وإهانة تقاعس الدولة في إحياء المسارح ."
بعض الفنانين المغتربين جرّهم الحنين لهذا المكان للحضور ، حيث حضرت الفنانة المغتربة احلام عرب فقط من أجل أن تشارك زملاءها في إفتتاح هذا الصرح ، وقالت عرب " جئت اليوم من خارج العراق للإحتفاء بإعادة إفتتاح المسرح مع زملائي الذين سيستمرون من أجل النهوض بواقع المسرح العراقي ، وأنا سأعمل على تقديم أعمال كثيرة من أجل الوقوف بوجه الخراب."