اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معاقبة مدينة ....

معاقبة مدينة ....

نشر في: 1 إبريل, 2016: 09:01 م

سارعت صديقتي الى تغيير قناة التلفاز حين تم عرض فيلم انتحار امرأة من مدينة الفلوجة مع اطفالها الثلاثة بعد ربطهم بخصرها لضمان وفاتهم معها ...كان سبب سلوكها المفجع هو الخلاص من الجوع والذل الذي تعيشه عوائل المدينة تحت الحصار المفروض عليهم من داعش منذ فترة طويلة ...استغربت كثيرا كيف تجاهلت صديقتي التي اعرف جيدا حجم انسانيتها هذا الخبر وتفاعلت مع برنامج يسرد اخبار الفنانين العرب ..لقد رأيتها تذرف الدموع من قبل وهي ترى ضحايا الانفجارات او الشهداء المغدورين من قبل داعش او القوات الحكومية، فلماذا هذا السلوك الغريب ؟ جاءني ردها صادماً حين سألتها : " من ايدهم .." ...وتعني بذلك ان أهل الفلوجة يستحقون ما آل اليه مصيرهم لأنهم كانوا سببا في ادخال داعش الى اراضيهم !!
بودي ان اتساءل .. منذ متى اصبح العراقيون قضاة يطلقون الاحكام على بعضهم البعض من دون تمييز او رجوع الى الحس الانساني ، او رجال دين يطلقون الفتاوى جزافاً من دون إلمام بمبادىء الاسلام الداعية الى الإخاء والمساواة ؟ كيف تم غسل ادمغة البعض ليطلقوا احكاما عمومية تتضمن عقوبة لمدينة كانت وستظل ضحية للصفقات السياسية الحكومية وفقدان الضمير لدى بعض رجال الدين والشيوخ فيها من الذين وضعوا ايديهم في أيدي داعش فدفع اهل المدينة الثمن ...كيف يرضى مَن ذاق طعم الألم والحرمان وفقدان الأحبة بما يجري للعوائل في تلك المدينة ..
المدنيون في الفلوجة من رجال وشيوخ ونساء واطفال يعيشون بين مطرقة داعش التي ترهبهم وتمنعهم من مغادرة المدينة وتستخدمهم كدروع بشرية وسندان الحكومة التي تؤجل تحرير المدينة ولا توفر ممراً وحماية لإنقاذ العوائل المحاصرة فيها ، فكيف ستنتهي قصة الفلوجة إذن ؟
هل ستستخدم الحكومة معها سياسة الارض المحروقة وهي ما زالت تضم آلاف المدنيين في الوقت الذي نجحت في تحرير مدينة الرمادي وانقاذ اهلها وانتقلت الى مدينة تازة وصولا الى الموصل أم ستعمل على تحريرها بالتعاون مع طيران التحالف وبمشاركة الجميع من قوات امنية وحشد عشائري مع توفير منافذ آمنة لاخراج اهلها منها قبل الشروع في تحريرها وقبل ذلك توفير الغذاء لهم ولو بالقائه من الطائرات كما يحصل مع المدن التي تتعرض للازمات فقد نفدت حتى الحشائش التي اعتاش عليها الاهالي مؤخرا ولم يبق امامهم ما يسدون به جوعهم فضلا عن غياب الادوية ووفاة العشرات من الاهالي بسبب ذلك  أم سينتظرون انتحار العوائل تدريجيا كما فعلت الأم البائسة ويعلقون على ذلك ببرود :" من ايدهم " ..
لن اطلق احكاما عمومية كصديقتي وسأظل انتظر رد فعل ايجابي من الحكومة إن كانت تنظر بعين واحدة الى الجميع كما تعلن في خطاباتها ولا تستخدم سياسة ( العقوبة) فليس من حق حتى الحكومة ان تعاقب الجميع من دون فرز ونظرة انسانية فالطفل البريء والمرأة والشيوخ والمرضى لا يجب حسابهم كمن قتل وتلطخت يده بالدماء ...هي محاولة فقط لمخاطبة ما يركد في اعماقنا من بقايا حس انساني لابد ان يحركه منظر امرأة تربط اطفالها معها لتخسر الدنيا والآخرة معا يأسا وجزعا بدلا من تجاهل الأمر ومتابعة آخر أخبار الفنانين العرب !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لاتستغربي ياسيدتي من حكم صديقتكي هذه فمنطق غالبية العراقيين الان هو كما تفوهة به هذه الصديقة وعلينا ان نعذر الطرف الاخر اذا اظمر لنا تلك الشماته حينما فعل بنا النظام البعثي الكافر في احداث الانتفاضة الشعبانية واضطهاد الشيعة بشكل عام وعملية الانفال ضد الا

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram