TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هيئة الرياضة المستقلة

هيئة الرياضة المستقلة

نشر في: 2 إبريل, 2016: 04:12 م

منذ سنينَ طوالٍ والواقع الرياضي يرزحُ تحت احتلال مجموعة كبيرة من الشخصيات العاملة في ميادينه المنوّعة، نالوا من الاتهامات والتشكيك والتخوين أكثر مما تلقوه من اشادات وثناء في فترة شغلهم المناصب، ولدينا اسماء كثيرة لم يشفع تاريخهم ومنجزاتهم الرياضية للحكم على صواب عملهم الإداري بعدما انخرطوا في متاهات البحث عن المزايا والمنافع وأهملوا الرياضة حتى طاردتهم لعنات الرياضيين انفسهم قبل الجماهير بسبب تحوّلهم بين ليلة وضحاها من خُدام للرياضة الى طُغاة وملوك وفراعين لن يقدر أحد أن يمسّهم قيدَ أنملة، ومن يتجرّأ عليهم فمن السهل أن يتقمّصوا البراءة الملائكية مُحتمين بصندوق الانتخاب الذي سيبقى "فزّاعة" أمام أي تدخّل قريب من الحكومة أو غيرها لغرض الإصلاح، وهو ما يؤكد أن الرياضة تحت وصاية هؤلاء تعاني العقوق والتمرّد والتراجع السحيق.
نعم نضمُّ صوتنا مع أصوات الخبراء والزملاء ممن أعربوا عن رفضهم لإلغاء مُسمى الرياضة واختزالها بالشباب ودمجها بالثقافة لأن قرار الإلغاء والدمج بين حقيبتين ليست هناك أية صلة بينهما إنما يمثل ضيقاً في أفق المصلحة المتوّخاة من الإصلاح، لكننا في الوقت نفسه لا نتمنى معالجة القضية باحاسيس شاعرية مثلما تستهوي البعض لكسب المزيد من تعاطف الناس معه وليس مع الرياضة وهو ما بدا واضحاً في اليومين المنصرفين إذ لم يُقدم حلاً موضوعياً، الصحيح ان تتوحد رؤى المعنيين لرسم نقاط الخلاص من الأزمة بحلول واقعية تساعد الحكومة على إعادة النظر والتصرّف بما يخدم مشروعها الإصلاحي كما تزعم.
لابد أن تراعى مصالح الرياضة في المجتمع من دون أن يُمسَّ كيانها المستقل سواء أكان وزارة أم هيئة تمارس دورها المهم في مختلف القطاعات ولا يجوز اختزال صورتها بكرة القدم برغم انها تحظى بشعبية واسعة اسهمت في واحدة من اقوى قصص الشعب العراقي التاريخية يوم وحّدته من شماله الى جنوبه بانتصار الأسود في ملحمة أمم آسيا عام 2007 التي عدّها (فيفا) من الأحداث التي يتفاخر بها عالمياً، لهذا يجب ان تتحرر الرياضة من أية قيود مرتبطة بإجراءات الاصلاح لكون الرياضة تمثل الإصلاح الحقيقي للمجتمع بدءاً من رياض الاطفال ومروراً بالاندية وانتهاء بقمم المسؤولية التي تخطط لمشاركاتها في الدورات الأولمبية والقارية والدولية.
لنسترجع الاحداث التي مرّت عام 2008 باصدار الحكومة قراراً حمل الرقم 184حلّ بموجبه اللجنة الأولمبية الوطنية، وانقسم الشارع الرياضي الى مؤيد ومعارض فيما ذهبت بعض الآراء باتجاه تبني مقترحاً يفيد بتشكيل مجلس أعلى للرياضة يُخلّص المشهد الرياضي من مسألة بروز الاقطاب المناوئة لأية عملية اصلاح او مُساءَلة أو تقنين للصلاحيات وتقليص الهدر في الميزانية ، ولم تنجح تلك المساعي لاسيما ان الحكومة ألغت القرار آنذاك بعد تهديد الأولمبية الدولية بتجميد انشطتنا قبل عقد الأخيرة لقاءً تفاهمياً مع وفد عراقي كان أحد ممثليه الدكتور باسل عبدالمهدي أدى الى تسوية الأزمة دولياً لكن نار رمادها لم ينطفىء وبقي يُهدد بحريق كبير في أي خلاف أو تقاطع أو تهميش بدليل ان ازمة انتخابات الاندية كانون الثاني الماضي لوّحت بتدويلها وتعريض رياضة البلد الى التجميد بعدما طرقت الاندية المعترضة ابواب اللجنة الاولمبية طلباً لحمايتها من قرار وزاري تأجّل تنفيذه لاحقاً الى حزيران المقبل تفادياً للتدويل، واخيراً وليس آخراً تضرر منتخب الكويت الكروي وبقية الالعاب الاولمبية من قرار ايقاف انشطتها من قبل الاتحاد الدولي واللجنة الاولمبية نتيجة تقاطعات قوانين هيئة الشباب والرياضة الكويتية مع طموحات بعض الاتحادات والاندية التي تمسّكت بالمواثيق الدولية ولم تُحل القضية حتى الآن !
من السطور آنفة الذكر نستنتج ضرورة تشكيل هيئة مستقلة للرياضة العراقية ترتبط بمجلس الوزراء ويتسنم مهمة رئاستها شخص كُفء يتمتع بصلاحيات مديرعام يأخذ على عاتقه ترتيب أوراق الرياضة وسن القوانين الجديدة الملائمة والمكيَّفة مع الواقع الراهن وخصخصة ملف الاندية وتحويلها الى شركات استثمارية تعود بالنفع على الشباب المنضوي لها، لتصبّ الهيئة جهودها في عملية تطوير الاتحادات وتنقية الاجواء وتصعيد سقوف آمال الرياضيين لاحراز الميداليات القارية في أكثر من لعبة وتشرع بتأهيل رياضي واحد للمنافسة على ميدالية أولمبية طال انتظارها 55 عاماً.
لندع هذه الهيئة تمارس واجباتها في دعم كل ما يتصل بالكيان الأولمبي والناديوي ومشاريع صناعة الأبطال بفكرٍ مجرّدٍ من التبعية للتكتلات الحزبية أو الخنادق الدولية ، ويحرص على المال ويضرب بقوة على أيدي السُرّاق إذا ما تجرؤوا واسرفوا مخصصات الايفادات على ملذاتهم وملاهيهم وأمزجتهم التي لا ترضى الإقامة بأقل من (السويت الفندقي)!   
إن فترة الايام العشرة التداولية التي حددها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لدراسة ملفات المرشحين للحقائب الوزارية الجديدة بعد دمجها يجب ان تستغلها لجنة الشباب والرياضة البرلمانية لتقديم ورقة شاملة ومُلمة بحيثيات الاعتراض الذي جاهرت به في بيانها أمس واصفة الدمج بأنه يؤدي الى (التخبط برياضة العراق) ، ندعوها لتأخذ مقترحنا هذا وتضيف عليه بما يعزز قيمة الرياضة وتأثيرها اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، علاوة على تفاؤلنا بمبادرة د.باسل عبدالمهدي بإقامة ندوة موسعة تضم نخبة من الأكاديميين والخبراء والرياضيين والإعلاميين للتنبيه عن خطورة إلغاء الرياضة واختزال دورها بالشباب والآثار التي ستتركها باغتنام المرتزقة الفراغ الرقابي ليسرحوا في دواهيهم المشينة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram