أكاد أجزم أنّ موقفي يتحدّد في وضع نهايةٍ للمنظومة المؤسساتية للمحاصصة الطائفية وقرينها الفساد الإداري والمالي، وتجلياتهما الفاضحة في ما تبقى من فضلات دولة وسلطة غير مهابة تحكم باسم الشعب من خلال صناديق انتخاباتٍ مشكوكٍ في ما تنبثق عنها من نتائج
أكاد أجزم أنّ موقفي يتحدّد في وضع نهايةٍ للمنظومة المؤسساتية للمحاصصة الطائفية وقرينها الفساد الإداري والمالي، وتجلياتهما الفاضحة في ما تبقى من فضلات دولة وسلطة غير مهابة تحكم باسم الشعب من خلال صناديق انتخاباتٍ مشكوكٍ في ما تنبثق عنها من نتائج ..
وهذا الجزم لا قيمة له إذا لم يحاكم بمنطق العقل والواقعية السياسية، بمنأى عن المزايدات اللفظية والكلام المبطّن، فالعراق الجديد تمخّض عن ولادة نظامٍ سياسي عاجزٍ عن الاستجابة لتطلعات العراقيين الذين أضنتهم وأنهكتهم الأنظمة والحكومات التي توالت على السلطة، وأدخلت البلاد في سلسلة لم تنته حتى الآن من الحروب الداخلية والخارجية، ثم القتل على الهوية، وحافةِ الحرب الأهلية، لتتصل بها عمليات إفقارٍ وتجهيلٍ وإنكارٍ للحقوق، وتبديدٍ للموارد والاحتياطيات، لتشارف ثانية في ظل العراق الجديد على حافة الإفلاس!
وقد استبشرتُ، كما غيري من العراقيين، بتسمية العبادي رئيساً لمجلس الوزراء، ووجدتُ في التغيير الذي تمّ بـ "عسرٍ" وممانعةٍ حتى اللحظة الاخيرة، بادرة إيجابية يمكن البناء عليها، لإيقاف تدهور الأوضاع ووضع نهاية للأزمات المتوالدة التي أرهقت الشعب الفقير، وسدت أبواب التغيير أمام أفقٍ يعيد له شيئاً مما يطمح إليه في إطار كينونته الإنسانية، بتوفير أبسط متطلبات حياةٍ تليق بالبشر في القرن الواحد والعشرين، فليس ممكناً القول أمام عاقل، إن العراق الذي بدّد مئات مليارات الدولارات خلال عشر سنوات، عاجز عن تأمين الكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الأولية لمواطنيه، وليس مما يقبله المنطق المجرد القول أمام الملأ المتحضر إن طبقتنا السياسية لم تكتف بتخريب ما كان قائماً ، وتقنع بـ "لطش" الفائض من الارباح الفلكية من المشاريع الملفقة، و"الكومشنات" الطيّارة التي تعلمتها من "طيّب الذكر" بريمر ومساعديه الاميركيين والعراقيين المتأمركين الذين استقدمهم الاحتلال معه كـ "خبراء ومستشارين"، بل هم نهبوا "الصاية والصرماية" كما يقول العراقيون. وليس صحيحاً مايقال إن الشيعة فعلوها من باب الاجتهاد الفقهي أيام العزلة عن الدولة أن الدولة "ليست لهم فحلالٌ نهبها" .! فالطبقة السنية فعلتها بإحكامٍ ومقدرة، منطلقة من قناعةٍ بأنها " لم تعد دولتها"، وفعلها أيتام النظام الساقط حين أفتى قائدهم صدام حسين بشيء من ذلك وهو يطالبهم بالاحتفاظ بما لديهم من ممتلكات الدولة. ولكي لا أغيض الشوفينيين الجدد، ليس من المعقول أن أبرّئ الكرد مما جرى.
ورأيت أن الواجب يحتم عليّ كما على كل داعيةٍ مخلص منزّهٍ عن المطامع والاغراض أن نقف الى جانب المكلف بالتغيير والإصلاح، لإعانته على مهمةٍ تتطلب تعبئة كل جُهدٍ خيّر، ولكن الرياح لا تجري دائماً كما تشتهي السفن. فالعبادي لأمرٍ ظلّ طي الكتمان حتى على الخلصاء من حزبه الذين ناصروه في التغيير، مارس " نشاطاً عقلياً سرياً" في وضع الخطط والتوجهات، وتحديد الأهداف، وهو مما لم يتمخض إلا عن مزيدٍ من التدهور السياسي والتفكك الاجتماعي والانفلات الأمني، وانتهى مشروعه الإصلاحي الى حزمٍ لا أثر أو تأثير لها على السياقات القائمة من منظومة الفساد وتقاسم الغنائم والمحاصصة الطائفية، وبدا من توجهاته العملية ميالاً الى العزلة والانفراد والانغمار في إثارة المعارك الجانبية، دون أن تنتهي هي الأخرى الى ما كان يشير إليه وهو يخطب ويدلي بتصريحات إعلامية أخذت منه الكثير من الجهد والطاقة والوقت، في مسعى لـ "إعلان نوايا مضمرة" ضد مراكز قوى وشخصياتٍ بارزة ، واعداً بأنها لن تفلت من الملاحقة، ومؤكداً، وهو يتحدث عن ظاهرة الفساد المستشري، بأنه يجب أن يكون بعض من كبار اللصوص والفاسدين وراء القضبان ..! ومنذ تولّيه رئاسة الوزراء لم نشهد "لصّاً واحداً متوسط الفساد" وراء القضبان، بل العكس ظهر أن البعض ممن حوله هم في موضع الشبهة، سياسياً وفساداً. كما ظهر في أول جولة من فحص مظروفه المغلق للتكنوقراط الذي دوّخ العراقيين البسطاء بمعناها، وكأنهم أمام " افتح يا سمسم"، أن العديد منهم من أصحاب السوابق
والملفات ..!
انتهينا اليوم إلى نهجٍ يتميّز بالارتباك والتخبّط والتردّد وغياب الرؤية و"الباطنية" السياسية. وقد لا يكون هذا كله من أوصافٍ للعبادي، ومن الممكن انه على سويّة أخرى، لكن هذا ما تشي به ظواهر الأمور وما انعكس في واقع الحال.
وما يثير الأسف أن ما يترشح عن تحركات واتصالات السيد العبادي حتى اليوم يؤكد أنه استمرأ نهج الوجهين والخطابين، واستنام على قناعةٍ مضمرةً بأنه يفعل الصواب عينه من دون أن يدري أنه أصبح مكشوفاً أمام الجميع، خصوماً وأصدقاء ..!
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
العيب يااستاذي العزيز ليس في الامريكان اللذين سميتهم بالمحتلين وانا اقول لولا هؤلاء الامريكان لما تنفنسنا الصعداء ولجثم على صدورنا الصداميون البعثيون الى يوم يبعثون فالعيب باهل الدار الذين باعوا الوطن ومنهم من نهبه لاارى شريفا يوما باع وطنه وشرفه ومبادئه
الشمري فاروق
العزيز ابم نبيل... العبادي كذاب ومتمرس في الكذب...ولا يختلف عمن سبقه في الكذب فالاثنان من مصنع واحد؟؟؟؟!!!!