اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أجور الخدمات الطبية..هل تسدُّ الاحتياجات الضرورية فقط؟

أجور الخدمات الطبية..هل تسدُّ الاحتياجات الضرورية فقط؟

نشر في: 5 إبريل, 2016: 12:01 ص

وقف أبو هشام أمام لوحة الاعلانات في صالة الاستعلامات بمدينة الطب وأخذ بقراءة أسعار الخدمات الطبية حسبما اعلنته وزارة الصحة ليكون سعر بطاقة دخولها ألف دينار، والأشعة 2000 دينار، والرقود 500 دينار، والعمليات الصغرى خمسة آلاف دينار، والوسطى عشرة آلاف دي

وقف أبو هشام أمام لوحة الاعلانات في صالة الاستعلامات بمدينة الطب وأخذ بقراءة أسعار الخدمات الطبية حسبما اعلنته وزارة الصحة ليكون سعر بطاقة دخولها ألف دينار، والأشعة 2000 دينار، والرقود 500 دينار، والعمليات الصغرى خمسة آلاف دينار، والوسطى عشرة آلاف دينار، والكبرى 15 ألف دينار، وفوق الكبرى 20 ألف دينار، والتحاليل ألف دينار، وتحاليل الزواج 40 ألف دينار، وابرة عدم تطابق فصيلة الدم عن الزوجين (A.N.T.D) خمسة آلاف دينار. وارقام اخرى توقف عندها ابو هشام ملتفتا الى زوجته: يبدو ان الايام المقبلة ستكون ثقيلة علينا فالمراجعات الدورية لم تكلف اكثر من الف دينار او الفين ستأخذ جزءا كبيرا من التقاعد! وربما ترتفع اجوار الكهرباء والماء وبقية الخدمات التي كانت تقدم مجانا. لم يكن امام ام هشام إلا الاستعانة بالقول الأثير للعراقيين (الله كريم) تنحل.

 

410 ملايين دينار فقط
 مدير عام دائرة صحة بغداد  الرصافة الدكتور عبد الغني سعدون يقول لـ(المدى) إننا مجبرون على تنفيذ التعليمات والتوجيهات الخاصة بتفعيل الموارد المالية للمؤسسات الصحية. مضيفا: لكننا نواجه مشكلة فبعض المواطنين لا يملك القدرة على دفع مبالغ الخدمات والرسوم الخاصة باجراء الفحص والتحاليل والرنين.
وأوضح سعدون أن المبلغ المخصص للدائرة كموازنة تشغلية  من قبل وزارة المالية وللاشهر الثلاثة الماضية  13 مليار دينار تسلمنا منها (410) ملايين دينار فقط . منوِّهاً: ان الايراد المتحقق للاشهر الثلاثة الماضية والخاصة بالمؤسسات الصحية في قاطع الرصافة بلغت (مليارين وخمسائة مليون دينار). لافتا: ان هذه المبالغ يتم صرفها في الوقت الحاضر كشراء أدوية والصيانة والغذاء بالاضافة الى أجور التنظيف للشركات المتعاقدة مع المؤسسات الصحية بضمنها المستشفيات التي تقع ضمن قاطع الدائرة.

القروض والالتزمات
وأشار مدير عام دائرة صحة الرصافة: الى أن تقديم الخدمات الصحية لعموم المواطنين وتوفير الدواء مجاناُ هو واجب علينا كوننا معنيين بسلامة المواطن وصحته. مستدركا: لكن ان نكون مجبرين في رسم سياسات خاصة بتوفير الموارد المالية هذا من واجب وزارة المالية حصراً وعليها اللجوء الى أفكار وبرامج والاقراض من الهيئات الدولية بغية توفير العلاج والدواء للمواطن بشكل مجاني كون أن هناك شريحة كبيرة في المجتمع ليس لها القدرة بالفعل على الدفع.

انخفاض نسبة المراجعين
منى عبد الكريم موظفة في احدى المؤسات الصحية تقول لـ( المدى ) ان الاموال التي تُجبى في المؤسسات الصحية اسهمت بشكل كبير  بسد جزء من الاحتياجات الخاصة  بالموازنة التشغيلية. مضيفة:  كدفع اجور شراء المستلزمات الطبية او الادوية وغيرها من الحاجات الضرورية. مشددة: ان مبالغ الاجور كانت مخفضة في الوقت المناسب. وشددت عبد الكريم: ان تنفيذ الجباية ادى الى تقليل نسبة المراجعين للمستشفيات الحكومية الى النصف تقريبا. متابعة: وهذا يعني ان هناك الكثير منهم كانوا في السابق متمارضين غايتهم المتاجرة بالعلاج او قضاء بعض اوقات الفراغ الأمر الذي ادى الى مضايقة المرضى.

واجب على الدولة
في مقابل ذلك هناك الآلاف من الناس يعانون من الامراض المزمنة ويحتاجون لفحص دوري الأمر الذي حملهم مصاريف مضافة. المواطن طالب شنتاغ متقاعد ذكر لـ(المدى): من حق المواطن التمتع بالخدمات الصحية المقدمة له بشكل مجاني فالدستور كفل هذا الشيء. مبينا: ان فرض الرسوم ورفع اجور الخدمات الصحية في المستشفيات لم يكن توقيته ملائما بسبب خفض مرتبات الموظفين والركود الاقتصادي الذي يعاني منه السوق.
واسترسل شنتاغ: انا أب لخمسة أطفال وأُعاني من أمراض مزمنة كما ان احد الاطفال مصاب بمرض مزمن وعلينا المراجعة الدورية فكيف سأتدبر أمري؟ مشددا: من واجب  الدولة توفير الخدمات الطبية والتفكير بآلية تفعيل الموارد المالية في قطاعات اخرى وليس الصحة. موضحا: مثل فرض الضرائب والرسوم على التسجيل العقاري والسيارات  والمنافذ الحدودية وغيرها من المواقع التي يمكن ان تحقق اموال طائلة للدولة وليس لجيب الموظف والمتقاعد.
حــق المواطن
مدير مستشفي الكندي الدكتور مهند عبد الواحد يقول لـ( المدى) انخفضت اعداد المراجعين بحدود (20%) منذ البدء بالعمل بقرار ألاستيفاء كما تم الانتهاء من ظاهرة حالة المتمرضين وهم من موظفي الدولة اولاً. متابعا: ثم الذين يبحثون على الادوية وغيرهم اذ تمكن هذا القرار من القضاء على هذه الظاهرة.
واضاف عبد الواحد: تم اصدار التعليمات الخاصة بآلية الصرف من المبالغ المتحققة من تلك الاجور وصرفها على الحاجات الضرورية للمستشفي او المركز الصحي المتخصص. مشيرا: الى حق المواطن الحصول على خدمات مجانية وتقديم خدمات علاجية متكاملة لكن الظرف التي  تعصف في البلاد من ازمة مالية كانت هي السبب في تفعيل الموارد المالية. مؤكدا: نحن كاطباء حريصون على تقديم الخدمات الطبية للشريحة المستثناة من هذا القرار وهم من المستفدين بخدمات الحماية الاجتماعية وجرحي الحشد الشعبي وغيرهم من الذين شملهم هذا الاستثناء وان الخدمات المقدمة بالخدمات نفسها المقدمة للآخرين.

المراكز المتخصصة
مركز الامراض الصدرية والتنفسية في وزارة الصحة كانت لة وقفة على تنفيذ هذا القرار إذ أُستثني مرضى التدرن منه، المواطن ابراهيم صخي شنتاغ يشكو من سعال متكرر منذ شهور ونصح من قبل ألاطباء ألاختصاص مراجعة المركز وبعد أجراء التحاليل ودفع مبالغ مالية كرسوم مستوفاة تم تشخيص المرض بـ(الاصابة بالتدرن المقاوم ) وعليه سيتم اعطاء العلاج المجاني والذي يستمر ستة اشهر (المدى ) التقت بأحد الاطباء رفض الكشف عن اسمه حيث ذكر: في هذه الحالة يتطلب وبشكل فوري اجراء الفحص على جميع الملامسين للمريض وطبيعي هم افراد العائلة. مستدركا: لكن السؤال: هل سيحضر هؤلاء جمعياً في ظل قرار استيفاء ألاجور المالية للمرضى؟ ونحن كمركز متخصص وجهنا بكتاب الى الوزارة لغرض (تفهم الوضع الخاص للحالات المشتبة بها وألية تنفيذ استيفاء ألاجور وهذا كنموذج).

500 مليار دينار
وزارة الصحة اشارت الى ان تنفيذ هذا القرار جاء ضمن التعليمات الحكومية الخاصة بالمادة (25) من قانون الموازنة وان الوزارة لا تمتلك خيارا آخرا بسبب ألازمة المالية التي تعصف بالبلاد.. المتحدث الرسمي باسم الوزارة الدكتور  احمد الرديني أشار الى ان الاموال المتوقع الحصول عليها من دفع الاجور ستبلغ قرابة ( 500) مليار دينار وهي تمثل (10%) من الموازنة الوزارة السنوية. مبينا:  ان هذه الاجور تعتبر مهمة في ديمومة الخدمات الصحية وتأمين ألاحتياجات الضرورية لكل مؤسسة صحية. منوِّهاً: في ما يخص الشرائح المستنثاة  من دفع اجوار الخدمات فهي معلومة كما يشمل الاستثناء شركات الرقابة الصحية ودائرة العيادات الشعبية.
من 7 مليارات الى 5 ترليونات
وأوضح  الرديني: ان القطاع الصحي يحتاج الى موازنة كبيرة لتطوير الواقع الصحي في العراق التي كان يُخصص لها (7 ) مليارات دولار. لافتا: الى ان ما خُصص لوزارة الصحة خلال عام 2016 هو خمسة ترليونات دينار نصفها كرواتب والباقي لديمومة العمل وتوفير العلاج اضافة الى الموزانة التشغيلية. مبينا: ان الوزارة بمؤسساتها الصحية مجبرة على استيفاء الاجوار من اجل استمار عملها ولعدم وجود  مبالغ مضمونة من وزارة المالية.

تخفيض الراتب
سهام مجيد ربة بيت أم لطفلين تقول لـ(المدى  ): إن زيارة أي مستشفى حكمومي في الوقت الحاضر يتطلب تأمين مبلغ خمسة وعشرين الف دينار وهذه اجور الفحص والسونار والادوية وغيرها من الرسوم التي تظهر فجاة اثناء زيارة الطبيب. مستطردة: تعرَّض ابني الى كسر في اليد وعند الذهاب الى المستشفى دفعت مبالغ تترواح ما بين (20) الى (25) الف دينار باستثناء اجور النقل والادوية التي اشتريتها من صيدلية خارجية لعدم توفرها في المستشفى. متساءلة:  كيف لنا ان نؤمن هذه الحالات الطارئة مع دفع ايجار البيت واجور المولدة في ظل تخفيض الراتب؟!  

اجتهادات وآراء شخصية
المادة 25 من قانون الموازنة أوضحت ان للوزارات كافة والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات، صلاحية فرض رسوم أو أجور خدمات جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية، باستثناء الرسوم السيادية وفق تعليمات يصدرها الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظة، لغرض تغطية النفقات ومستحقات السنوات السابقة لنفس الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظة والمدرجة تخصيصاتها ضمن الموازنة العامة الاتحادية لعام 2016 .
الخبيير القانوني سعدون نعمان أوضح لـ( المدى ) أن آلية العمل في قانون الموازنة للسنة الحالية والتعليمات الخاصة بالقرار اعطى فسحة كبيرة من الاجتهادات والآراء الشخصية للعموم. مضيفا: كون القرار لم يُحدد المبالغ او القطاعات التي تعمل به وانما عمم هذا الموضوع.  معتبرا: ان هذا النص واسعٌ لأنه يعطي صلاحيات للوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة والمحافظات في إضافة أعباء مالية على المواطنين والشركات ليس لها حدودٌ معينة.

أعباء مالية على المواطن
وأشار الخبير القانوني إلى ان سب ذلك يعود لأنها تخضع لتقدير المسؤول بما يعوِّض النقص في التخصيصات المالية من قبل الحكومة. مردفا: لا نعلم كيف تم تمرير هذه المادة عند مناقشة قانون الموازنة الاتحادية في اللجان ذات العلاقة أو في جلسة التصويت. موضحا: ان هذا القرار فيه ثغرات عديدة  وكثيرة وأي قرار يصدر يمس الخدمات المباشرة للمواطن ستسبب مشاكل مالية واعباءً لا يستطع المواطن تدبير أمره في المستقبل القريب.

استعادة الأموال المسروقة
عبد الرحيم حسين موظف في وزارة التجارة يقول لـ( المدى ) نحن نتفهم جيداً الازمة المالية ومشاكلها المترتبة والتي جاءت نتيجة فساد الحكومات السابقة. مبينا: بامكان الحكومة متابعة الاموال المسروقة والعمل على اعادتها من اجل سد النقص الحاصل بالموارد نتجية انخفاض اسعار النفط. لافتا: الى ان الخطأ الأكبر هو الاعتماد على مورد اقتصادي واحد من دون تنشيط بقية القطاعات.
واضاف حسين: المفارقة ان هذه الازمة أثّرت على قطاع الصحة والخدمات فقط. متسائلا: ان عمل امانة بغداد مرتبك بموازنة كبيرة فكيف بالتقشف وتخفيض ميزانيته. داعيا: الى ضرورة اعادة النظر بالقرار بما يخدم المواطن اولا وضرورة مساعدة الفقراء والبحث عن مصادر اخرى.

قــرار متسرع
من جهته أعرب صالح الحسناوي عضو لجنة الصحة والبيئة عن اعتقاده بأن الموضوع ينطوي على شقين أولهما أن النظام الصحي ينبغي أن يحقق ثلاثة أهداف بحسب أدبيات منظومة الصحة العالمية (W.H.O)، هي تعزيز صحة المواطن والمجتمع وتخفيف الأعباء المادية عن المواطنين خلال تلقيهم العلاج والخدمات الطبية فضلاً عن الاستجابة لاحتياجاتهم. مؤكدا: أن قرار رفع أسعار الخدمات الصحية يتناقض مع الهدف الثاني من أدبيات منظمة الصحة العالمية، الذي يتعلق بتخفيف الأعباء المادية عن المواطنين خلال تلقيهم العلاج والخدمات الطبية. مشدداً: على ضرورة التفكير بطريقة أخرى لتوفير ايرادات لوزارة الصحة شرط  ألا تكون على حساب ذوي الدخل المحدود، خاصة وأن خُمس سكان العراق تحت مستوى خط الفقر وينبغي حماية مستواهم المعيشي.
ولفت الحسناوي إلى أن الموضوع بحاجة إلى التأني والرؤية الدقيقة قبل تطبيقه، مشيراً إلى أن القرار جاء متسرعاً وبضغط الأزمة المالية. دعيا وزارة الصحة إلى تحمل مسؤولية قرارها، كون الحصول على إيرادات لا ينبغي أن ينعكس على جودة الخدمة الصحية، أو منع الكثير من المراجعين الذين يريدون الحصول على الدواء أو اجراء التحاليل أو الأشعة فقط، من الدخول إلى المستشفيات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram