يقال ان من يترك ثورة في منتصفها ، يمكن ان يقود نفسه واتباعه الى الهاوية ، ولأن مافعله السيد الصدر لم يكن ثورة بمعناها الحقيقي بل محض اعتصام اراد به تحريك الماء الساكن في بركة السياسة العراقية فأن تركها في منتصفها يعلن عن ضبابية وعلامات استفهام جديدة ، فالسياسي الحقيقي هو من يملك القدرة على التنبؤ بما سيحدث غداً او في الاسبوع المقبل او الشهر المقبل او العام المقبل ، وأن يكون لديه القدرة ليشرح لماذا لم يحدث ذلك –كما قال ونستون تشرشل –ذات مرة ..واذن ، فما يحدث في العراق حاليا لايمت للسياسة بصلة ..انها مجرد افعال بحاجة دائما الى تفسير ، وقد سئمنا من ايجاد تفسيرات وتبريرات لافعال رجال السياسة في العراق ..
يبدو ان خوض غمار السياسة في العراق يحتاج الى ( عيون وقحة ) وليس الى خطط وأهداف ومشاريع تصب جميعها في خدمة الوطن والمواطن ..وقد تبين لنا مؤخرا ان اكثر العيون وقاحة هي التي تمسك بتلابيب لعبة السياسة في العراق فهناك من زكمت ملفات فساده وجرائمه الانوف وملأت فضائحه العراق وخارجه ومازال يطلق تصريحاته المليئة بالكراهية ويحلم بالعودة الى السلطة ، وهناك رجل الدين الذي يدعي الوسطية والوطنية والذي أعلن بعد تسليم العبادي الظرف المغلق للبرلمان انه لايقبل بحكومة فاسدة ووزراء فاسدين بينما لم يعترض من قبل على ملفات الفساد التي شملت اغلب عناصر الحكومة ووزرائها والا فلماذا الاعتصام ضدها ومحاولة تغيير وزرائها اذا كانوا انقياء ومخلصين ؟! أما اكثر العيون وقاحة فهي لمن تم فضح فساده دوليا في وثائق دامغة ومازال يدعي النزاهة والشفافية والنظافة ، ومن شغل اكبر عدد من الوزارات وخرج منها مذموما ومازال يطالب بتطبيق التكنوقراط ويدعو الى فتح صفحة جديدة مع الشعب العراقي المظلوم ...ولمن سرق لقمة النازحين وتاجر بأزمتهم ومازال يطلق عليهم لفظة (أهلي ) ..
كثيرة هي العيون الوقحة التي تزيد ساحة السياسة ضبابية وظلمة وتجعل المواطن يتخبط وسط علامات استفهام لاحصر لها ..فالعراقيون المتعبون ينشدون تغييرا جذريا يكون قادته من المخلصين والعادلين والنبلاء والانسانيين لكن من يحملون هذه الصفات لايملكون سوقا لترويجها ولن ينجحوا بتفجير ثورة او اجراء تغيير فهم ليسوا زعماء ثورة بل ضحايا لها لأنهم لايملكون عيونا وقحة ..
كيف ستكون المرحلة المقبلة اذن ؟ هل سيعود السيد الصدر الى ساحة الاعتصام التي تركها –في منتصف الطريق الى التغيير - ام سينجح العبادي في فرض حكومته الجديدة على البرلمان رغم اعتراضات ( شعيط ومعيط وجرار الخيط) التي لاتنتهي ومطالبتهم اخيرا بتغيير العبادي ذاته ؟!
يقول جون كينيدي ان من يجعلون الثورة السلمية مستحيلة يجعلون الثورة العنيفة حتمية وهذا مؤشر خطير يجب ان يحسب الجميع حسابه ، فالمواطن يمكن ان يصفق لشعارات تخاطب آلامه ومعاناته واحلامه لكنه لن ينتظر طويلا تخبطه وسط علامات الاستفهام وسيحاول ان يفهم الامور ومايحدث في الخفاء يوما ما ..وبطريقته !
عيون وقحة
[post-views]
نشر في: 4 إبريل, 2016: 09:01 م