الكتاب هو صورة عن الحياة ، فيجب أن تكون الأخيرة هي الموسيقى التي نتتبعها ، لأنها الثقافةالحقيقية التي نكتسبها ، فمهما لمسنا أو استشعرنا ، لن نتعلم إلا من كتاب الحياة ، هذا ما دفع الكاتب المسرحي الدكتور عقيل المهدي لاختيار كتاب "الكتب في حياتي" للكاتب
الكتاب هو صورة عن الحياة ، فيجب أن تكون الأخيرة هي الموسيقى التي نتتبعها ، لأنها الثقافةالحقيقية التي نكتسبها ، فمهما لمسنا أو استشعرنا ، لن نتعلم إلا من كتاب الحياة ، هذا ما دفع الكاتب المسرحي الدكتور عقيل المهدي لاختيار كتاب "الكتب في حياتي" للكاتب هنري ميلر ، من بين ما يُقارب العشرة كُتب وصفها المهدي بأنها "أجمل عشرة كتب قرأها" ، وهي "كتاب فن الشعر لأرسطو ، موسى والتوحيد لفرويد ، المعجم الفلسفي المختصر لبلايبيرغا ، الإنسان ذو البعد الواحد لماركوز ، مذكرات بابلو نيرودا ، الإنسان الحائر بين العلم والخرافة لعبد المحسن صالح ، تاريخ المسرح بخمسة اجزاء لزيتو باندوفي ، موسوعة هيغل ، الضحك لهنري برغسون ، الكتب في حياتي لهنري ميلر " .
ذكر المهدي أن ميلر يعدّ الكتب الفعالة مثل الاصدقاء والمغامرات والاكتشافات ، ويتحدث ميلر في كتابه عن بلوتارك المؤرخ الروماني عاداً إياه كاتبا راقيا ذا تجارب عديدة ، كتب عن التأريخ والحروب وعشق الكتب من خلال عمته "وهنا يحاول الكاتب تبيان دور المرأة في حياة الرجل المبدع " ، فالكتب هي من تحدد ماهية الانسان .
أيضاً تطرق ميلر في هذا الكتاب إلى وصف الحكايا البغدادية القديمة كألف ليلة وليلة التي تتضمن حكايات متعددة سُردت بطريقة غريبة تحمل قيما جمالية ، إضافة إلى أنها حكايات متعددة الأبعاد وتسير نحو اتجاهات متنوعة في ذات الوقت ، ويذكر المهدي أن هذا أحد الاسباب التي دفعته للاهتمام بهذا الكتاب .
كما تحدث ميلر في كتابه عن صلاح الدين الأيوبي ، واصفاً إياه بأنه الأمير الرؤوف ، مقارنة بالسفاحين ولو كان لدينا قائد منه في الحرب العالمية لكنّا نعيش بأمان في زمن كثر فيه الفساد .
الكتاب تضمن سيرة أهم الشخصيات الإبداعية والفنية والثقافية كالشاعر الأمريكي والت ويتمان الذي وصفه ميلر بأنه مزج البسيط بالشائع فتفوق بذلك لأنه لم يكن معقداً كالآخرين بل تضمنت نصوصه ما يلامس الروح ، كما يذكر ميلر أن الحقيقة العالية جميلة وإن تحدثت عن الشرور فالمهم أن نتحدث بشكل حقيقي .
ويذكر ميلر أن الكتب شكلت جزءاً كبيراً من شخصيته وطريقة تعامله ونظرته إلى المرأة والحكومة ، وكانت موضوعته الرئيسية في كتاباته هي صراع الانسان ليحرر نفسه من السجن الذي صنعه لنفسه من خلال ربط نفسه بأمور واهية يصنعها هو من خلال أوهامه.
فموضوعات الشعر ترتبط بالشاعر ، وموضوعة المقدس للقديس ، والعظمة للبطل ، أما الدمامة والقبح فهي من نصيب المنحطين والأغبياء ، هذا ما ذكره ميلر في كتابه عن لسان بعض الشخصيات الإبداعية ، كما أنه لاحظ أن الإيروسية والتصوف يقودان إلى الجانب الإبداعي الذي يصل بصاحبه إلى قيم جمالية متعالية وإبداعية متسامية .
من جانب آخر يذكر ميلر أن أحب الكتب التي قرأها هي تلك التي كتبها العرب والتي كانت تجتذبه كطفل ، ذاكراً أن المؤلفين الغربيين ابتعدوا كثيراً عن العرب والصينين في طروحاتهم ولم تسهم أعمالهم بشيء في تطور أوروبا .
أيضاً نصح الكاتب القُراء بعدم قراءة الكتب الرائجة التي تصدر من خلال موجة ضمن موسم ما ثم ما تلبث أن تُطفأ لأنها لا تُشكل سوى إصدارات تجارية لا قيمة لها .
فالحياة والكتاب وجهان لذات الرؤيا والروح ، قد نجد أُناس بعيدين عن ثقافة الكتاب إلا أنهم أكتسبوا ثقافة عميقة من الحياة لا يمكن التغاضي عنها ، لتُكوّن الكتب انعكاسات الحياة .