لا أظنني مجانباً الصواب، بتصوري أن مفردة عشق، التي تتردد بقوة وبصدق في الحياة العامة والغناء الفارسي بخاصة، لم تأتِ للغة الفرس من خارج الإسلام، وإن سلّمنا بأصلها اللغوي عندهم، لإيماننا بعدم خلو لغة في الأرض من مفردة كهذه إلا أننا نجزم بأن الإسلام آزرها وعمّقها في وجدان الشعوب هناك، ثم أضفت العربية - التي دخلتهم فيما بعد - عليها شيئاً من الرقة والعذوبة والسحر، حتى باتت راسخة في وجدان الناس، وهذا ما نستشعرهُ ونتحسسهُ في سماعنا لأغاني عايدة ويلجن وحميرا وككوش وغيرهنَّ من أميرات وامراء الغناء والطرب في جمهورية إيران الإسلامية.
يتعجبُ صديقي قائلاً: إني توقفتُ طويلاً عند قضية العراقيين الذين خرجوا من العراق واستقروا في إيران، اولئك الذين لم يذهب واحد منهم ليتعلم الموسيقى الايرانية؟ وكيف توافدوا زرافات ووحدانا على المدراس الدينية والحوزات ليصبحوا فيما بعد أشباه أئمة وأنصاف مشايخ وقرّاء معاقين فكريا ورجال دين من الدرجة العاشرة، لا بل أن غالبيتهم لم يتنعموا بما في البلاد الواسعة الجميلة من طبيعة خلابة وتاريخ ثر وعادات حضارية. ترى أين أمضوا السنوات الطوال؟ وهل صحيح، انهم ظلوا أسارى المدراس والحوزات تلك، بمحض إرادتهم، ودونما فرض من أحد، أم أن السلطات الايرانية كانت منعتهم من دخول المعاهد والدارس التقليدية حتى، ذلك لأننا لم نسمع من عائد منهم أنه درس الطب او الهندسة والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة الأخرى. ترى اكانت إيران بحاجة ماسة الى علم العراقيين في اصول الدين والفقه والنكاح والنجاسات ام ماذا؟
أعود لمفردة (عشق) التي كنت أسمعها من مذياع السيارات، كلما دخلت إيران سائحاً، او وأنا في طريقي الى المزارات، بل وحتى ساعة يضمني مجلس داخل عائلة إيرانية. غريب أمر المفردة الجميلة هذه، فأنا أقرأُها في عيون النساء الجميلات، مثلما أقرأها في عيون الفتيان اليافعين العائدين من السينما، وأتلمسها طرية، رقراقة في أكف المتزوجين تواً، وهي في مذياع سائق سيارة الأجرة أجمل، وفي فم القارئ الحسيني أيضاً، وعند ربة البيت وهي تصغي الى نغمة هاتفها، ولا تبخل الطبيعة عليك في أطلاقها تحت كل شجرة، وعند كل عشبة تحركها ريح الصباح أو تتصفحها نيونات الحديقة العامة.
على الأرض الفارسية العرقية، حيث الأنثى حاكمة وعاشقة كبيرة وجدتُ أن مفردات مثل: عشق وعاشق ومعشوق وعاشقة وعاشقين وعشاق لها طعم خاص، هي معنى من معاني السلام ومدخل لكل قلب.
موجعٌ ومؤلمٌ ما تناقلته صفحات الفيس بوك اخيراً من قيام أحد المرضى النفسيين المنحرفين بتصوير مقاطع انسانية، خالصة لعاشقين في حديقة الزوراء، فعل يكشف عن سريرة أناس موتورين، قبحاء، لم يكن العشق ليدخل قلوبهم يوماً، ولم يكن للسلام والدعة والصفاء مكاناً في ضميرهم ومروءتهم، أعجب لهم، كيف تدنت الانسانية لديهم لتتحول الى بركة من دم ، ولماذا استوطنت الكراهية قلوبهم الى الحد هذا، أما اذلهم الحب يوما، اما استوقفتهم لحظة حب صادقة، في مرحلة من أعمارهم؟ لأي شريعة حيوانية وحشية ينتمي هؤلاء؟
قد لا يستوقفنا طويلاً فعل كالذي قام به أحدهم، وقد نغض الطرف عن ما هو أبعد من ذلك، لكننا وعبر عين فاحصة يمكننا أن نتوصل الى قناعة مغايرة أخرى، قناعة تقول بأن مجتمعنا العراقي الذي تنخره وتتحكم فيه إلى اليوم عادات وتقاليد العشيرة القبيحة وتعاضد ذلك فتاوى وخطب المتفيقهين الموتورين الخارجين من كهوف التواريخ حريٌّ بان ينتح لنا مثل هؤلاء الوسخين. وهذه نتيجة طبيعية لحكومة وسلطات ومؤسسات عملت كل ما في وسعها على قتل روح العشق والمحبة والصفاء وقيم الجمال عند الناس!
قواعد العشق بين فارس والزوراء
[post-views]
نشر في: 5 إبريل, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
محمد سعيد
جماليات العشق والحنان والمحبه والصدق هي خارج قواميس الرعاع من معظم العراقيين الذين لايرون في حياتهم غير الحزن ونكبه كربلاء ومقتل لحسين التي تحولت علي ما يبدو الي عشق افلاطوني مهموم .فلاشئ غيرها هي الاول والاخير في حياةجحافل ألجهله من الس