TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم "زنزانة".. يدخل الامارات في انتاج الافلام الطويلة

فيلم "زنزانة".. يدخل الامارات في انتاج الافلام الطويلة

نشر في: 7 إبريل, 2016: 12:01 ص

  الإماراتي ماجد الأنصاري يقدم حكاية زنزانة يمكن ان نتصورها في أي بلد عربي ، يكون القانون مخترقاً فيه . لم يعد الحراك السينمائي الاماراتي يقتصر على الافلام القصيرة وإقامة المهرجانات السينمائية ، بل تعداها هذه المرة ليدخل ومن خلال المخرج الشاب ما

  الإماراتي ماجد الأنصاري يقدم حكاية زنزانة يمكن ان نتصورها في أي بلد عربي ، يكون القانون مخترقاً فيه . لم يعد الحراك السينمائي الاماراتي يقتصر على الافلام القصيرة وإقامة المهرجانات السينمائية ، بل تعداها هذه المرة ليدخل ومن خلال المخرج الشاب ماجد الانصاري وفيلمه الشيق "زنزانة" ، عالم الافلام الروائية الطويلة ، معلنا بدء المراهنة على جيل من الشباب الاماراتي المدرب والواعي بخفايا الصنعة السينمائية .

العنوان
"زنزانة" هو عنوان فيلم الأنصاري ، وهو عنوان مباشر ،  اذا أردنا تأويله ، فهو يشير الى ان زنزانة السجن في البلاد العربية متشابهة ، ويمكن للحكاية التي تحصل في كل البلدان التي يمكن اختراق سجونها والعبث بأمنها بسهولة ، واعتقد ان رفع "أل  التعريف" عن "زنزانة"  فيه هذه القصدية التي أرادها الفلم .

الحكاية
زنزانة في سجن يقبع فيها اثنان ، احدهما طلال "صالح بكري" الذي لا يتذكر ما هو سبب وجوده في الزنزانة ، فقط يعرف انه تشاجر مع شخص اخر ، نتيجة سكره الشديد وخلافه مع زوجته ، يخرج السجين بكفالة ـ ويبقى هو لأنه فقد هويته الشخصية اثناء المشاجرة ، يحاول الاتصال بزوجته التي انفصل عنها ، لكنها لا تستجيب ، لذلك يجب ارساله الى القاضي ليبت في امره ، كما يخبره ضابط الشرطة المشرف على المركز ، يدخل ضابط اخرهو دبان "علي سليمان" ، في زيارة للسجن وبلحظة خاطفة يقوم بقتل ضابط المركز بعد ان يغرز سكينا في رقبته ، ويسحبه ليضعه في حمام المركز ، وسط دهشة وخوف طلال ، ليبدأ الضابط القاتل بتهديد طلال ، وانه يعرف زوجته وابنه وممكن ان يؤذيهما ، ويتصل بشرطية ساذجة تعمل في المركز ، ويبدأ بمغازلتها رغم وزنها الثقيل ـ وعدم امتلاكها ما يستحق المغازلة ، يتيقن طلال انه امام محنة كبيرة لا يعرف كيف يتخلص منها ، خصوصا وان خصمه الان هو شخص مضطرب عقليا ، يعود السجين الذي خرج ليكفل طلال ويسأل عن الضابط السابق فتكون النتيجة قتله هو الاخر ووضعه مع القتيل في ذات الحمام .
نعرف فيما بعد ان الضابط المزيف دبان ، لديه اخ محكوم بالاعدام وسيصل الليلة لينفذ فيه الحكم صباحا ، ويحاول انقاذه من الاعدام مهما كلف الامر ، تمر الليلة على طلال كأطول ليلة في حياته ، واكثرها رعبا ، الحوار الذي يدور بين دبان وطلال هو الذي يملأ وقت الفيلم ، وهو حوار مكتوب بعناية ، يفصح عن العمق النفسي المضطرب الذي يعيشه الاثنان ، يصل الاخ الذي يفترض ان يعدم ويحاول الضابط دبان انقاذه وينجح في ذلك ، لكن سلوك الاخ لا يشبه سلوك وانحراف اخيه الضابط ، يحاول الضابط قتل طلال ، بعد ان سجن ولده معه عندما اتى الى زيارته ،  وايغالا في ايذائه ، يعطيه قنينة خمر ، لكن طلال يستخدم الخمر لحرق الضابط ، بلعبة قديمة وهي نفخ الخمر على ولاعة  سبق ان حصل عليها من الشرطية التي كانت في السجن وينجح في ذلك ، يدخل اخو الضابط ، يصيب طلال برصاصة ويقتل اخاه ليخلصه من الم الحرق ، تحضر الزوجة وتشاهد ما جرى يموت طلال بين يدي زوجته وابنه ، ويموت الضابط حرقا.

الاشتغال
يحسب للمخرج ماجد الانصاري اختياره لسيناريو وحكاية الفيلم ، باعتبارهما تحديا كبيرا لقدرة اي مخرج ، فالمكان واحد لا يتغير الا ما ندر ، والحكاية ببعديها النفسي والاجتماعي ، والشخصيات المركبة ، خصوصا الضابط دبان ، هو تحد كبير لمخرج يبدأ اولى خطواته في اخراج فيلم روائي طويل .
لم يدخر الانصاري جهدا في رسم شخصياته وحركتها داخل المكان الضيق زنانة السجن ، حركة كاميرته وتنوع لقطاته كانا متناغمين مع الحوار ، وكان رسم المكان " الحدث " قريبا من شكل الزنزانة الامريكية افلام الكابوي ، حيث تتوسط الزنزانة السجن ، وهو على غير المألوف في مراكز الشرطة العربية ، لكن هذا الاختيار ساعده كثيرا في السيطرة على حركة ممثليه ، وعم اضطراره الى الانتقال الى اماكن اخرى ، كالمكاتب مثلا.
رغم براعته في اداء دوره الا ان الممثل علي سليمان ، كان يبدو ممثلا مسرحيا اكثر منه سينمائيا في الكثير من الاحيان ، وكان بالامكان تجاوز ذلك من خلال الاشتغال على اللقطات القريبة على وجه الممثل لبيان قسوته وشذوذه العقلي ، بدلا من الحركات المسرحية "مشهد القفز على قضبان الزنزانة" .
ردود فعل طلال "صالح بكري" لم تكن بذات المستوى على طول خط الفيلم ، خصوصا في مشهد سجن ابنه ، وبدا في معظم المشاهد كأنه مخدر ، ولا ادري هل كان ذلك بتوجيه من المخرج ، باعتبار انه مدمن كحول .
لم تخرج الكاميرا من المكان الا قليلا ، وهو امر متعب للمشاهد ، لكن قوة الاداء وحالة الترقب لمعرفة النهاية التي عاشها المشاهد ، اسهمت كثيرا في تجاوز حالة الملل ، وهو ما يحسب للفيلم وكادره .
السيناريو كتب بحرفية عالية ، ليرسم لمخرج العمل الخطى الصحيحة لكيفية التعامل مع عناصر اللغة السينمائية ، وتوظيفها ضمن دلالتها النفسية بما يؤثر في المتلقي ، فكان عامل التشويق هو النتاج الذي ساهم في نجاح الفيلم وتقبل الجمهور له .
كذلك كان المونتاج وهو روح العمل كما يصفه منظرو السينما الكبار ، العامل المهم في اخراج الصورة النهائية للفيلم ، واعتقد ان شهناز دليمي ، قد قرأت السيناريو بدقة قبل الشروع بمشاهدة الفيلم والعمل على منتجته ، لان المونتاج جاء متناغما مع حدة الحوار التي تتصاعد بين الضابط دبان والسجين طلال ، ووفق هذا التناغم ، جاءت الاثارة المطلوبة .

تأويل النص المرئي
رغم بساطة الحكاية وعدم وجود لغز محير فيها ، إلا ان النص المرئي لفيلم "الزنزانة" لايمكن ان ينأى عن التأويل ، ابتداءً من اختيار المخرج لممثليه من بلدان عربية مختلفة ، وتعمده بقاء كل ممثل على لهجته التي يتحدث فيها في بلده ، الامر الذي يمكن ان يؤوّل بأن مثل هكذا زنزانة يمكن ان تكون موجودة في اي بلد عربي ، خصوصا تلك البلدان التي يخترق فيها القانون يوميا .
الزنزانة بحد ذاتها لها دلالتها الخاصة ، فهي المكان الذي تصادر فيه الحريات ، وليست بالضرورة مكانا لحجز المجرمين ومعاقبتهم ، غياب الفهم الواعي للعلاقة الاجتماعية بين الرجل والمرأة ، وقناعة الرجل بأنه صاحب الحق دائما ، وان الزوجة لا يحق لها ان تحتج او تنتفض على سوء معاملتها ، مهما كانت درجة السوء ، هي الرسالة غير المباشرة التي طرحها الفيلم ، من خلال معرفتنا بعلاقة طلال مع زوجته وتهديده لها . وهي رسالة ادانة لتسلط الرجل الشرقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram