للكتاب انعكاساته على القارئ ، وأياً كان هذا القارئ ، فنانا أو مفكرا أو مبدعا أو مثقفا في مجال ما ، أو مُتلقيا بسيطا ، إلا أن للكلمات المرصوصة في الكتب كقطع الجواهر التي ترصع الذهب تأثيرها الخاص والعميق على من ترقص عيونه فوق الحروف .هنالك كتب تف
للكتاب انعكاساته على القارئ ، وأياً كان هذا القارئ ، فنانا أو مفكرا أو مبدعا أو مثقفا في مجال ما ، أو مُتلقيا بسيطا ، إلا أن للكلمات المرصوصة في الكتب كقطع الجواهر التي ترصع الذهب تأثيرها الخاص والعميق على من ترقص عيونه فوق الحروف .
هنالك كتب تفتقر للنهايات إلا أنها تتوج القارئ بطلاً لها ، هذا ما حدّثنا عنه الروائي سعد محمد رحيم من خلال عرضهِ لأهم عشرة كتب أثرت على رؤاه الفكرية وأسلوبه الأدبي ، حيث يختار رحيم رواية "لو أن مسافراً في ليلة شتاء" للروائي كالفينو من بين عشرة كتب هي " ثلاثية نجيب محفوظ ، الصخب والعنف لفوكنر ، الاستشراق لإدوارد سعيد ، موقع الثقافة لهومي بابا ، رسائل من بيت الموتى لديستويفسكي ، القصر لكافكا ، 18 برومير لويس بونابرت لماركس ، لو أن مسافراً في ليلة شتاء لإيتالو كالفينو ، ذئب البوادي لهيرمان هيسه ، اسمي أحمر لأورهان باموق . "
ويذكر سعد محمد رحيم أن الرواية هي مجموعة حكايات متداخلة ومتوازية، مكتوبة بأسلوب الميتا فيكشن ( ما بعد الرواية ) ، وهي نموذج صافٍ لهذا النمط من الكتابة.. نجد المؤلف في كتابه، كما نجد القارئ والدارس والناشر، وثمة نقاشات حول كتابة الرواية وبناء الشخصيات والأحداث، ومشكلات النشر ، تُقطع الحكاية الأولى لنبدأ مع حكاية ثانية تُقطع لندخل بين تلافيف حكاية ثالثة وهكذا ، ليست ثمة نهاية لأية حكاية ، ويبقى البطل الرئيس في الرواية هو القارئ الذي يبحث عن تتمات الحكايات ، ويناقش اللغة والأسلوب والتقنيات مع قراء آخرين ، ويعيش تلك الدوامة من الانفعالات والأفكار والعلاقات ، ويحكي لنا عن متعته في دنيا القراءة ، وحيرته ، كما لو أنه يحاول الإمساك بالمغزى العميق لعالم سمته الفوضى والغموض .
ويلعب كالفينو هنا ، بحذاقة ودراية ، بتقنية ( الطباق/ التضاد ) خالقاً تناغماً داخلياً لنصِّهِ ، ومجترحاً مسارات لرؤى حول الثقافة والأدب والسياسة والحب والجنس والموت والخيبة والأمل ، ليبدع في النهاية رواية طافحة بالإثارة والجمال.
البعض يهتم بالكتاب لغرض المتعة ، إلا أن المُتعة تكمن عند البعض بدراسة أدبيات ونُسق الكتاب وثيمته ومعلوماته ، وهذا ما جسّدهُ لنا توصيف الروائي سعد محمد رحيم حين تحدث لنا عن أفضل كتبه ، فكان تركيزه الأكبر على اللغة والتوصيف والقواعد الأدبية في الرواية ، مُبيناً مدى تأثيرها عليه أولاً ومدى أهمية هذا النوع من الروايات في الأدب العالمي .
الكتاب حياة ، أبطالهُ هم صور من أيامنا ، قواعدهُ إلهية ، فكما يخلق الله البشر يخلق الكاتب أبطاله ، وينفخ فيهم من روحه ، ويهديهم مشاعره المتضادة والمتناظرة ليكون الكاتب هنا إلهاً ثانويّا استطاع خلق الحياة من رحم الحياة .