بمجرد ان يقرأ الزائر عنوان الندوة الذي يشير الى مسألة مهمة تتعلق بحياة الفرد والمجتمع (دور المفكر في الإصلاح السياسي والاجتماعي ) حتى يتوجه صوب مكان انعقادها الامر الذي جعل جميع المقاعد تشغل من قبل الحاضرين قبل افتتاحها بربع ساعة. البعض من الحاضرين ت

بمجرد ان يقرأ الزائر عنوان الندوة الذي يشير الى مسألة مهمة تتعلق بحياة الفرد والمجتمع (دور المفكر في الإصلاح السياسي والاجتماعي ) حتى يتوجه صوب مكان انعقادها الامر الذي جعل جميع المقاعد تشغل من قبل الحاضرين قبل افتتاحها بربع ساعة. البعض من الحاضرين تحلق حول المقاعد كونه لم يجد مقعدا شاغرا. بعد ان رحب بالحاضرين افتتح الدكتور قاسم حسين صالح مدير الجلسة بالحديث عن مفهوم الكلمة التي اثارت اشكالية فلسفية, سياسية, اقتصادية, دينية, وهي كلمة الاصلاح ( reform).
ففي الجانب الديني تحدث عنها القرآن في عدة مواضع. ولها تفسيرات مختلفة من ابن تيمية الى محمد عبده والرفاعي وغيرهم. فيما اختلف عليها علميا. اذ عرفها " اكسفورد" على انها (تغيير نحو الافضل في حالة الاشياء ذات النقائض, خاصة في المؤسسات والممارسات السياسية الفاسدة والجائرة) وعرفت من قبل "وبستر" بأنها (تحسين النظام السياسي من اجل ازالة الفساد والاستبداد) فيما ترى ادبيات اخرى ان الاصلاح في البلدان العربية هو مجرد مناورات تقوم بها الحكومات لامتصاص غضب الشارع, وغاية كرمها تقديم حلول جزئية ترقيعية. وان الحل الصحيح للاصلاح يكون بالثورة على تلك الحكومات. بعد ان انهى كلمته ، رحب مدير الجلسة بالضيوف الذين اتحفوا الحاضرين بالحديث عن مفهوم الاصلاح ودور المفكر فيه وهم كل من
د. حسن الهنداوي، د. سربست نبي، د. محمد احسان، بعد ان عرف بكل واحد منهم واختصاصه. في البدء تحدث د. الهندواي والذي يرى ان المفكر والاصلاح لكل كلمة مما سبق تترتب عليها متطلبات ونتائج. والاصلاح هو نسق متكامل من الاجراءات التي تتخذها جهة ما من اجل ازالة الشوائب الملتصقة باحدى القضايا.
فيما يرى سربست نبي ان الاصلاح هو: وعي التزامن مع وعي التطور الاخر. سابقا كان الاصلاح يتعلق بالجسد اما الان فالاصلاح يمس السلطة.
لكن محمد احسان يرى ان البداية الاولى للاصلاح نشأت مع بداية وجود الانسان الذي لم  يترك نفسه تحت رحمة الطبيعة. حيث سعى الى فهم واخضاع الظواهر الطبيعية المحيطة به لارادته ومن ثم توجيهها لتلك الارادة.
وعن دور المفكر العراقي في الاصلاح ذكر احسان: ان المفكر هو نتاج المجتمع الذي ينشأ فيه مع بعض الشذوذ عن القاعدة. في العراق منذ العام 1968 لم ينشأ مفكر شاذ عن القاعدة. اي لم يظهر مفكر قادر على التغيير. مردفا: لان المجتمع غير قادر على استيعاب افكار بعيدة عن الاتجاه العام الذي يرسمه الحاكم فردا حتى العام 2003وظهور الكتلة الدينية لما بعده، التي استخدمت منهج التخويف والترهيب.

أسئلة ومداخلات :
لماذا تخشى السلطات من المفكرين والمثقفين ؟ سؤال وجه الى د. سرسبت نبي الذي اجاب: هناك علاقة معقدة بين السلطة والمثقف وعلى المثقف ان يأخذ مسافة مناسبة بينه وبين السلطة كي لا  يحسب عليها. مضيفا: ان السلطات التي تنشأ على مبادئ سليمة واهداف واضحة تصب في مصلحة الفرد والمجتمع لا تخشى عملية الاصلاح اطلاقا، بل ان الاصلاح يعود بالنفع عليها. مستدركا: لكن السلطات التي وجدت بطريقة (باطلة) تخشى كثيرا هذه المفردة معتبرة اياها احدى مصادر زعزعة وجودها.
وعن الكيفية التي يمكن للمثقف ان يعمل بها قال نبي: ان للمثقف دورا كبيرا في عملية الاصلاح بل يجب ان يكون الاداة الاولى له. متابعا: عليه البحث باستمرار عن ايجاد المتطلبات الاساسية للاصلاح، وتوسيع دائرة الاصلاح التي تنطلق من المفكر نفسه وصولا الى المجتمع بأكمله.
ماذا قدم العلمانيون للفكر في مجتمعنا ؟ سؤال اجاب عليه د. محمد احسان قائلا: ان الصراع الحاصل بين العلمانيين واصحاب الافكار ( الراديكالية) جعل العلمانيين في دائرة ضيقة كون المجتمع متشبثا بموروث اجتماعي وديني فهو لا يستطع الخروج عن اعرافه وتقاليده. موضحا: لذلك على العلمانيين البحث عن وسائل اكثر تأثير في سبيل تقديم حلول ناجعة تساهم في قبول افكارهم التي تدعو للاصلاح.
وعن المصطلح المتدوال الان ومايسمى مثقف الاسلام السياسي وهل بات اكثر تأثيرا في المجتمع قال د.حسين الهنداوي: تعد ظاهر الاسلام السياسي ظاهرة واقعية وطبيعية في المجتمعات الاسلامية. مستدركا: لكن هناك عدة اوجه للاسلام السياسي تتمثل بمختلف التيارات الاسلام التي تمارس دورها السياسي لكن علينا التعامل مع التيارات المعتدلة منها والتي لا ترغب في إلغاء الاخر. فيما يرى د.محمد احسان ان الاسلام السياسي في كافة اشكاله وتياراته سوف ينتهي الى الارهاب, مهما حاولت تلك التيارات تجميل صورتها امام الاخرين.
وعن كيفية تطبيق الافكار على الواقع قال الهنداوي: علينا القيام بعدة اجراءات قبل الشروع بتطبيق تلك الافكار من خلال توفير المناخ المناسب لتلك الفكرة قبل تطبيقها. ومن ثم القيام بالتطبيق المناسب لهذه الفكرة.
فيما تطرق د. محمد احسان الى الحديث عن الفوارق بين العرب والغرب حيث نجد ان العرب يتحدثون عن الماضي فقط غير مهتمين بحاضرهم. مضيفا: سوف نأخذ هذه القضية من جانب واحد ان الفرد العربي يقوم بإعداد طعامه بساعة ونصف فقط فيما يقوم بالتهامه بخمس دقائق. لكن الفرد الغربي يقوم بإعداد طعامه بخمس دقائق فيما يفكر لساعة ونصف في كيفية التخلص وهضم هذا الطعام.

كارهو الثقافة
مقدم الجلسة د. قاسم حسين صالح ذكر في ختام الجلسة: من المفارقات ان اول معرض للكتاب في العالم العربي كان في بغداد في العام 1938 مبينا: ان بغداد سبقت القاهرة بسبعة اعوام. اما الان فلا تجد معرضا للكتاب في بغداد مخصصا لشراء وتداول الكتب. انما هناك مهرجان يتألق فيه الشعراء والكتّاب والفنانون في ندوات فكرية ونقدية. متسائلا: لماذا لا نرى هكذا معرض في بغداد؟ حيث اجاب الاستاذ فخري كريم رئيس مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون: حاولنا بكل ما لدينا من حرص وتأثير لكن لا رأي لمن لا يطاع. ولا آذان مصغية لكارهي الثقافة. وفي رأينا ان من يكره الثقافة يكره اهم ثلاث قيم في الانسان... الحب, الجمال, الموسيقى.
وقبل ان يختم مدير الجلسة تساءل مستشهدا بنص ورد في مقال افتتاحي لرئيس تحرير جريدة المدى: هل يسمع السياسيون ما يقوله المفكرون؟ الجواب لا ....  لسببين. والحديث لصالح.
لأن المفكر يقول الحقيقة والسياسي يكره الحقيقة.
ولأن السياسي يشعر بالنقص أمام المفكر.
ليختم الجلسة بتساؤل اخير: لماذا فريق السياسيين اقوى من فريق المفكرين؟
الجواب : لأن المفكرين متفرقون لاسباب سايكلوجية.