اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بعد كل المبادرات الزراعية ما الذي تحقق لإيقاف تدهور هذا القطاع المهم؟!

بعد كل المبادرات الزراعية ما الذي تحقق لإيقاف تدهور هذا القطاع المهم؟!

نشر في: 16 إبريل, 2016: 12:01 ص

سؤال بسيط وطبيعي من حق أي مواطن طرحه وهو يسمع ويقرأ عن المبادرات الزراعية التي اطلقتها الحكومة منذ ثماني سنوات وتخصيص مبلغ (500 ) مليون دولار عام 2008 لتحقيق ما أسموه "نهضة أساسية للزراعة والإرواء وإيقاف التراجع في القطاع الزراعي بزيادة كفاءة استخدام

سؤال بسيط وطبيعي من حق أي مواطن طرحه وهو يسمع ويقرأ عن المبادرات الزراعية التي اطلقتها الحكومة منذ ثماني سنوات وتخصيص مبلغ (500 ) مليون دولار عام 2008 لتحقيق ما أسموه "نهضة أساسية للزراعة والإرواء وإيقاف التراجع في القطاع الزراعي بزيادة كفاءة استخدام الموارد المائية وصولاً لنسب أفضل من التكامل الغذائي .. "  ويكبر التساؤل وتتعدد علامات التعجب إذا ما علمنا أن العراق يمتلك أراضي خصبة تشكل 65 من مساحته القابلة للزراعة .

 

لنجعل من العراق واحة خضراء
كان هذا شعار المعرض الزراعي الثامن لمعدات الإنتاج الزراعي والحيواني الذي نظمته وزارتا الزراعة والموارد المائية وعرضت فيه العديد من ( منجزات ) دوائرهما والملصقات التي تجعل مَن يقرأها يتوهم للحظة اننا نعيش ( بربيع ) الوعود والتصريحات والشعارات البعيدة عن ارض الواقع .. هذا ما قاله المواطن عبد المحسن الحيالي ونحن نلتقيه خلال زيارته للمعرض حيث يؤكد ان هنالك تقصيراً واضحاً تتحمله الحكومة بشكل عام و المؤسسات المعنية بالقطاع الزراعي بشكل خاص. فآلاف الدونمات الزراعية تحولت الى أراضٍ جرداء ، كما ان هنالك عزوفاً عن ممارسة الزراعة من قبل الفلاحين كونها اصبحت مهنة خاسرة! وأضاف ان سوق الخضراوات  والفواكه مليئة بالمستورد من دون حماية للمحاصيل الزرعية الوطنية .. وأوضح أن العديد من المؤسسات أسهمت في تخريب القطاع الزراعي والحيواني بما فيها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي قامت بنقل كلية الزراعة من مكانها بأبي غريب الى الجادرية وعطّلت ما كانت تضمه اقسام الكلية من مشاريع المنتجات الحيوانية كما حرمت الطلبة من التطبيق العملي !!
واختتم الحياني حديثه قائلا: عدد غير قليل من ما معروض من أسمدة ومعدات ومنتجات مستوردة بما فيها التمور المعلّبة وهو اكبر دليل على عدم وجود خطة لتطوير هذا القطاع الذي كان يمكن أن يسدَّ جزءاً كبيراً من احتياجات العراق  ويوفر مبالغ للموازنة بدلاً من الاعتماد على النفط وتذبذب أسعاره ، وها نحن نعيش أزمة مالية كبيرة بسبب الفساد والتخبط .

لا يوجد تمر عراقي في الخارج !
في معرض شعبة الكوت الزراعية كان المواطن حجر مهدي الهيمص يسعى الى مَن يُرشده لاستثمار أرضه الزراعية المهملة في الشوملي فاستوقفناه لنطلع على أفكاره فقال : أنا مواطن عراقي هربت من الوطن منذ الستينيات كوني شيوعياً برغم انحداري الطبقي واعيش في فرنسا ويؤلمني هذا التراجع والتدهور في القطاع الزراعي وعدم استثمار خيرات الوطن بما فيها النخيل الذي اشتهر العراق بأنواعه النادرة لكنك لن تجد تمراً عراقياً في الخارج يتناسب وما يزخر وطننا به .. لذا فكرت بانشاء مصنع لإنتاج التمور وربما إقامة مشاريع لتربية الأبقار والأغنام على أرضي المهملة في منطقة الشوملي البالغة مساحتها (62) دونما وأبحث عن مزارعين وعمال لكن أشعر بأن هنالك عدم تشجيع وهروب من العمل في القطاع الزراعي برغم استعدادي لتحمّل كل ما يترتب من مبالغ مالية ومصاريف أخرى.
تحديات ومشكلات تـُواجه الفلاح
وشخّص رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية حسن نصيف التميمي أبرز التحديات التي تواجه الفلاحين والزراعة في العراق فقال : هنالك العديد من التحديات والمشاكل والمعوقات وفي مقدمتها شح المياه الذي يعاني منه الفلاحون في جميع المحافظات اضافة الى صعوبة حصول الفلاح على وسائل ري حديثة بسبب قلة كمياتها وارتفاع أسعارها ناهيك عن قلة كميات المستلزمات المجهزة للفلاحين كالبذور مما يضطر الفلاح الى شرائها بأسعار السوق السوداء وكذلك انخفاض الطاقة الكهربائية المجهزة للفلاحين خاصة في المواسم الزراعية للمحاصيل الستراتيجية وفي مقدمتها الحنطة والشعير والشلب من دون اغفال ما تسببه المحاصيل الزراعية الاجنبية المستوردة من دول الجوار وفي ذروة انتاج  المحاصيل الفلاحية كما توجد مشكلة عدم استلام الفلاحين لمستحقاتهم المالية عن قيم تسويقهم المحاصيل الى وزارتي الزراعة والتجارة اضافة الى مشاكل منح القروض الزراعية واخرى تتعلق بقوانين العقود الخاصة باستئجار الاراضي الزراعية حيث طالبنا كاتحاد مراراً بتشريع قانون إيجار الأراضي الزراعية الموحد الذي سيحل الكثير من مشاكل الفلاحين .
دعوات لم تُسمع !
يدعو التميمي ويطالب الحكومة ومجلس النواب لإقرار قوانين تدعم الفلاحين في المخرجات والمدخلات من اجل تطوير وتحسين وزيادة الانتاج الزراعي، كما ندعو الحكومة الى انشاء المعامل والمصانع الغذائية ودعم الصناعات التحويلية الغذائية وانشاء المخازن المجمدة والميسرة الكبيرة منها والمتوسطة والصغيرة كما ندعو الى تحسين وسائل نقل المحاصيل الزراعية تلافياً للخسائر التي تُلحق بالفلاحين .

سلة بغـداد الغذائية تشكـو
مَن يزور قضاء أبي غريب  الذي كان يُعد سلة بغداد الغذائية يلمس بشكل واضح مستوى التدهور في القطاع الزراعي حيث يقول المزارع  عامر ابراهيم الشلال: قد تغني مشاهدة الارض عن أي حديث فهي شبه ميتة بسبب شح المياه وقد حفرنا آباراً على أمل الحصول على الماء لكن واجهتنا مشكلة نسبة الملوحة  وعدم صلاحيتها للزراعة وعمق البئر وكل هذا يعني تكاليف جديدة وخسائر مضافة، فقيمة حفر البئر تبلغ مليوني دينار ، كما أننا نعاني من ضعف التسويق وشراء المحاصيل بسبب الاوضاع التي مرت على العراق منذ ما بعد الاحتلال الاميركي والى الان موضحا أن علاوي التسويق كانت تستقبل مشترين من الناصرية ومحافظات العراق الأخرى،  اما الآن فقد انعدم هذا الأمر ما حرمنا من فرص كبيرة لبيع محاصيلنا .. ونحن نودعه اشار بيده الى الأراضي الزراعية التي غزتها الأعشاب الطبيعية والمتروكة بسبب شح المياه وقال هذه هي حال (500 ) دونم من ارض كان يمكن ان تدرَّ الخير لنا وللعراق ولكن  !!

الفساد والإرهاب يقتـلان الزراعة
بدوره يقول المزارع منعم الفارس: مافيات الفساد سبب آخر لتدهور الزراعة ليس في ابي غريب ولكن في كل العراق، فبعض المؤسسات كالسايلوات والمصارف والمختبرات تتعامل مع تجار على حساب الفلاح وبسبب اتفاقات  مشبوهة  مع التجار يضطر صاحب الارض لبيع محصوله من الحنطة بمبالغ اقل من سعرها لدى الحكومة فالتجار يستلمون وهم الذين يتحكمون بتسويق هذا المحصول وبعلاقاتهم يقومون بشراء الحنطة من المطاحن ويخزنونها ليسوقوا القديم ويستلموا الصكوك ويتم صرفها لهم من المصرف وهي اي الصكوك ليست باسمائهم، بل حتى ان كتبا تُنظم لمساحات زراعية في الكرمة وهي منطقة تحت سيطرة داعش الارهابية من دون ان يسأل احد عن كيقية تنظيم هذه الكتب الرسمية ؟!
اما عن مشاريع الإرواء فالحديث طويل فيكفي ان نشير الى تحول مشاريع استصلاح الى إرواء او تعطل مشروع اروائي بسبب خلافات بين وزارتي الكهرباء والموارد المائية وكلما نراجع إحداهما تحمّل الأخرى السبب فضعنا من دون ان نحصل على نتيجة .واضاف الفارس: هنالك عوائق أخرى منها المياه فماء النهر هو غير ماء البئر ومصدر مياه النهر في منطقة تسيطر عليها عناصر داعش الارهابية الذين قاموا بقطعها عن اراضينا اضافة  الى عدم توافر دعم حكومي لتجهيز الفلاح بالبذور او تقاوى البطاطا ما يضطرنا لشرائها من السوق المحلية وهي برغم ارتفاع اسعارها مغشوشة برغم انها تحمل علامة انها مستوردة! نتمنى ان تمارس الاجهزة الزراعية مهمتها وتبيعنا مباشرة للبذور ،لاننا سنطمئن من سلامتها وهنالك عدم العدالة في التعامل مع الفلاحين حتى عند المحنة فعندما غرقت أراضٍ زراعية في القضاء تم تعويض من لم تغرق ارضه او تتضرر في حين ان اعداداً ممن غرقت أراضيهم لم يحصلوا على التعويض ! كما ان الجانب الأمني يمنع الفلاح من الذهاب ليلا لسقي ارضه. فكما هومعروف ان الحصص المائية عادة تكون ليلاً وهنا اقترح المزارع محمود يونس ندا ان تقوم نقاط السيطرة والجيش بتسجيل اسماء الفلاحين لتسهيل مهمة الاستفادة من الحصص المائية التي هي اصلاً قليلة مضيفاً ان قطع الطرق يحول دون امكانية تسويق المحصول عند نضجه وغالباً ما يُتلف بسبب ذلك .

خطط زراعية بالمحسوبية !
اما المواطن محسن برغش فقال: بصراحة لا وجود فعلي لمبادرات زراعية وهي شعارات للاستهلاك المحلي وربما شخّص مَن تحدّث قبلي الكثير من معاناتنا كمزارعين غير اني يمكن ان اضيف الى ان مَن يتولى مسؤولية تنفيذ الخطة الزراعية يتعامل على وفق مصالحه والمحسوبيات حيث يتم تسجيل مساحات زراعية غير حقيقية بستلم اصحابها ملايين الدنانير من دون استحقاق في حين يتم تسجيل مساحات اقل بكثير  لآخرين .. ولأسباب امنية لا يمكن إدخال السماد الكيماوي واقترحنا لحل هذا الاشكال تسليم الكيمياوي لاشخاص معروفين وتحميلهم مسؤولية استخدامه وتوزيعه ولم نجد استجابة كما لا ينبغي ان نغفل ضعف الرقابة على مشاريع الري وعدم تنظيمه ما يؤدي الى التجاوز على الحصص المائية وسوء وعدم عدالة توزيع الماكنات الزراعية، بل ان من المضحك المبكي الفرض على المواطن تسديد قسط الحاصدة حتى قبل استلامها ومنهم شقيقي الذي طالبه المصرف بتسديد القسط وهو اصلا لم يستلم الماكنة التي سجّل عليها منذ سنة ما اضطره الى إلغاء تسجيله عليها !! وبشكل عام المزارع والفلاح يتحملان خسائر جسيمة بسبب تلك اللا أبالية ويكفي ان اضرب مثلا ان طن البطيخ يباع بخمسين الف دينار في حين انه يكلف اكثر من ذلك بأضعاف.. فكيف تزدهر لزراعة ؟!
اخيرأ فان اللجنة المالية البرلمانية كانت قد اعلنت عن بدء التحقيق في ملف المبادرة الزراعية حيث لوحظت شُبهات فساد في معظم القروض التي مُنحت . وقال عضو اللجنة علي الصجري في تصريح صحفي: لم يشهد القطاع الزراعي تقدما ملموسا لأن اموال المبادرة ذهبت لجيوب الفاسدين وكان على الوزارة بحسب ما يعتقد النائب ان تركز على دعم المزارعين من خلال توفير البذور والاسمدة والمبيدات الزراعية واستصلاح الاراضي وضمان شراء انتاج الفلاح بدل تركيزها على القروض !!
أخيراً .. اذا علمنا ان المبالغ التي صُرفت على المبادرة الزراعية بلغت  تريليوني دينار وما زالت الزراعة تشهد كل هذا التدهور ، لأدركنا حجم الفساد الذي تسبب في خراب كل القطاعات ومن ضمنها القطاع الزراعي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram