يقول نيلسون مانديلا: " التسامح المطلق لايستلزم نسيان الماضي بالكامل"، ونحن شعب نعيش على أوجاع الماضي وأورامه الخبيثة ولم نعد قادرين لا على النسيان ولا التسامح فالوجع مازال يوخزنا والاورام تواصل استفحالها ونعجز عن استئصالها جذريا ..لهذا صُدمنا برؤية نواب اشتهروا بالفساد والاجرام والتاريخ الاسود ضمن مااطلق عليه " ثورة النواب " الداعية الى محاربة المحاصصة والتخلص من هيمنة الكتل واحقاق الحق وتحقيق الاصلاح الفعلي فهل يغفر لهم اعتصامهم وجلوسهم على الأرض ورفضهم "وثيقة الشرف " ومحاولتهم اقالة رئيس البرلمان ومطالبتهم بتغيير الرئاسات الثلاث مااقترفوه بحق الشعب من جرائم وفساد وتجاهل وانشغال بمصالحهم وولاء لكتلهم ؟..
اسئلة عديدة تطن في رؤوس العراقيين كالذباب ..كيف انتفض النواب على كتلهم التي تعتاش على المحاصصة وصار من جاء بفضلها يدعو الى (التكنوقراط ) والاختيار على اساس الكفاءة، وهل يكفي يوم وليلة ليتحول المالكي الذي كان مناهضا لاعتصام السيد مقتدى الصدر مع الشعب امام المنطقة الخضراء ويعتبره مخلا بالعملية السياسية وسياقات الدستور الى مؤيد لاعتصام النواب وتغيير الرئاسات الثلاث ..ماالذي دعا علاوي للالتحاق بالمعتصمين..كيف صحا ضمير مشعان الجبوري فجأة ليصبح رجل الاصلاح والثورة..ماالذي حول صاحبة المعادلة الطائفية المشهورة(سبعةxسبعة ) الى نائبة ثورية تدعو الى التغيير ونبذ المحاصصة وتطالب بالشراكة وفق الكفاءة ..قد يبرر ذلك رغبة البعض بالظهور وركوب الموجة قبل ان يجرفهم التيار.. اما نحن ، فلن نقدر حاليا على فهم مقاصدهم لنسامحهم ونؤيدهم لكننا قد نغفر لهم يوما لو عرفنا كل الحقائق ووجدنا أجوبة لكل الاسئلة وتخلصنا من طنين الذباب ، لواقنعونا ان هناك معجزات قد تحصل في عالم العجائب والغرائب الذي نعيشه في العراق فيتحول الانتهازي الذي وصل الى قبة البرلمان بالوصولية ورشوة المنتخبين والتشبث بالاحزاب والكتل الى وطني مستقل يضحي بكل شيء من اجل بلده وشعبه ...
بعض هؤلاء النواب لايمثلون الشعب الذي خرج بشكل عفوي بعد اعتصامهم لا ليؤيدهم بل ليقول انه الأحق بالمطالبة بحقوقه ، فهو الذي عاش الحرمان والفقر وضحى بدماء ابنائه ومستقبلهم ليرفع هؤلاء النواب على مقاعدهم وحين اكتشف انهم ليسوا سوى لصوص ومتزلفين فلن يصدق يوما انهم يعتصمون ضد اللصوص الكبار ويصبح الشعب وهمومه همهم الأول والأكبر ..الشعب لم يعد يمتلك الثقة بمثل هذه السلوكيات فقد اكتشف تلوث رموزه الكبيرة التي انتخبها ولن يمكنه تصديق مايبدر عن ذيولها الصغيرة الا اذا كانت الانتفاضة على الولاء للكتل والتأثيرات الاقليمية حقيقية وتوحّد نواب من طوائف وقوميات ومذاهب مختلفة على المناداة بنفس الاهداف دون محاصصة او مكاسب شخصية ..عندذلك فقط يمكن ان نغفر لهم ونراقب خطواتهم المقبلة ..ولكن ..بحذر ..
هل نغفر لهم؟
[post-views]
نشر في: 15 إبريل, 2016: 09:01 م