مدينة باتت تُعرف بعاصمة العالم الإسلامية لوجود مراكز حوزوية وإسلامية تبث معالم الفقه والأصول والأعراف الدينية ، لمدينة مثل النجف عمق تأريخي يحفر بفخر وثبات إسم المدينة على لائحة المجد، أُتخذت على مرِّ العصور عاصمة للفكر والسلام ، منذ ما يقارب 1400 عا

مدينة باتت تُعرف بعاصمة العالم الإسلامية لوجود مراكز حوزوية وإسلامية تبث معالم الفقه والأصول والأعراف الدينية ، لمدينة مثل النجف عمق تأريخي يحفر بفخر وثبات إسم المدينة على لائحة المجد، أُتخذت على مرِّ العصور عاصمة للفكر والسلام ، منذ ما يقارب 1400 عام وهي تمهد لأسس الدين وأُصوله ، لم يقتصر زوارها وسياحها على طائفة معينة او فئة محددة ، بل تنوع اصناف مَن يؤمُّها ويروم الإطلاع عليها، لها أرث حضاري مميز، ضمت قبة الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ومنائره الذهبية ، تنوعت كنائسها وأديرة مسيحييها وتلونت أسواقها، إنبثقت منها شرارة مقاومة الإحتلال وتبلورت ثورتها في عشرينيات القرن المنصرم ورسمت أفقاً خالداً من الشرف والوطنية الحقة .

من دار ضيافة إلى سجن لأسرى الجيش البريطاني
من عادات المدن القديمة أن تضم كل مدينة داراً للضيافة او خاناً وهو بمثابة فندق كبير يجتمع فيه  الزوار والسياح ممن يستطرق المدينة قاصداً او عابراً، وخلال تلك الفترة أُسس خانُ الشيلان ليكون مرتعاً للزوار والسياح وعلى مرِّ الايام تعددت أغراض الخانات وكثرت حتى وقت إندلاع شرارة ثورة العشرين، فعزم في ذلك الوقت الثوار النجفيون الى تحويل ذلك الخان الى  سجن للأسرى البريطانيين يتم زجهم في زنازينها وغرفها وسرادقها، وبعد أن أكل الدهر عليه وشَرِب تمت إعادة تأهيله مرة أخرى وقد أشرفت آنذاك وزارة السياحة على إعادته الى رونقه وإعتباره متحفاً يضم مقتنيات الثوار وعدتهم. فمساحة خان الشيلان تبلغ 1500 متر مربع، وهو مؤلف من ثلاثة سراديب وطابقين، كانت تستعمل لتخزين الحبوب والمعدات، وباحة الخان (المتحف) محاطة بغرف متداخلة. ويبلغ ارتفاع سوره الخارجي 12 مترا، وتتوسطه باحة تضم تمثالا لأحد ثوار ثورة العشرين يحمل بيده أداتين من أدوات الثوار في ذلك الحين هما "الفالة" (رمح خشبي) و"المكوار" (عصا). كما تضم باحته بئراً محاطة بسياج عُلــِّق فوقها دلو لسحب الماء. ونُقشت على جدران الخان زخارف إسلامية ينتشر بعضها على مدخله الرئيسي.
في هذا الصدد تحدث الباحث مكي السلطاني لـ(المدى) عن رؤيته لخان الشيلان قائلا : إن خان الشيلان قد شُيـِّد عام 1899 ليكون مستقراً للزوار القادمين للنجف ، وكان هذا الخان مكاناً للكثير من الاحداث المهمة وأبرزها بعد هزيمة العثمانيين. مضيفا: تمكن اهل النجف من تأسيس حكومة محلية لادارة المدينة واتخذ من الشيلان مقراً واستمرت لقرابة سنتين 1917 - 1915 . منوهاً: إن خان الشيلان الآن يُمثل رمزية مهمة في تاريخ هذه المدينة حيث كان ايضا معتقلا للضباط والجنود البريطانيين اثناء ثورة 1920، للخان موقع مميز حيث انه يتوسط المدينة القديمة وقريب من العتبة العلوية المقدسة.
واستدرك السلطاني في حديثه: يُعــد خان الشيلان اليوم إرثاً وتاريخاً يحكي قصة مدينة عريقة بثقافتها واحداثها التي يتداولها اهلها بفخر واعتداد وتكتب المقالات الكثيرة وتؤلف الكتب عن تاريخ مجيد يفتخر به اهل النجف، مبينا: ان خان الشيلان يتألف من ثلاثة طوابق الان وبعد جهد ومطالبات تمت اعادة تاهيل المبنى ليكون متحفاً يضم العديد من المقتنيات الآثرية لأهل النجف والوثائق المهمة اضافة الى صور شخصياتها المؤثرة والمتميزة، المتحف الان يقصده الكثير من الزوار لمشاهدة جزء من تاريخ مجيد. وتطرق السلطاني إلى انهم بصدد الإعداد لإقامة احتفالية لمناسبة مرور 100 عام على تاسيس او اقامة اول حكومة محلية عام 1915 في النجف وستكون فيها بحوث عدة بُذل فيها الجهد الكبير ومعلومات جديدة لم تُكتب من قبل وأملنا كبير ان يتطور هذا الصرح الأثري التاريخي التراثي النجفي ليعكس صورة النجف المشرفة والزاهرة للعالم.

متحف التراث النجفي
بعد العمل على إعادة وتأهيل وترميم خان الشيلان في النجف أُعلن رسميا في عام 2014 إعتماده مقراً رسمياً كمتحف للتراث النجفي يضم أهم الرموز الأثرية والنضالية لتأريخ هذه المدينة العريقة ، وقد أوضح مدير المتحف د. حمزة الخالدي أن متحف التراث النجفي وثورة العشرين ضمن جدول زيارة الوفود السياحية القادمة الى النجف الأشرف. داعيا: جميع أبناء المحافظة خصوصاً مَن توجد لديهم بعض المقتنيات الأثرية لتاريخ مدينة النجف الأشرف الى عرض مقتنياتهم الأثرية في المتحف من خلال تخصيص أجنحة خاصة بهم لعرض مقتنياتهم.
وأضاف الخالدي: إن المتحف الذي أقيم في خان الشيلان الذي يُعد من البنايات الأثرية في مركز مدينة النجف، وقد تمت اعادة بنائه وفق طرازه العمراني الذي بُني أيام الاحتلال الانكليزي لمدينة النجف الأشرف قبل أكثر من قرن من الزمن وبعدها أصبح مقراً لإدارة عمليات الثوار النجفيين إبان ثورة العشرين وتم وضع الأسرى الانكليز فيه وما زالت آثار مخطوطات الذكريات للأسرى موجودة على جدران الخان. مبينا: ان جهوداً كبيرة بُذلت لإعادة الخان الى واقعه التراثي، حيث كان يستغل من قبل أصحاب المحال التجارية، وجعلوه مخازن لبضاعتهم. مشيراً الى ان الخان يحتوي ضمن طابقيه وأواوينه على تماثيل من البرونز تجسّد أحد الثوار وتماثيل من الشمع لأبرز العلماء والشخصيات النجفية.