هل نقول وداعاً لحشرجة الأوراق (الحميمة) بين الأنامل عند تصفح جريدة ورقية؟ هل نقول وداعاً لهمس خفي يتناهى من صرير قلم لكاتب ملتاع نثر ورداً او شوكاً، او نث حسوة ماء على اوار مجمرة متقدة؟؟
هذا الشعور الغريب، ربما راود الكثير من قراء الصحف الورقية، سيما قراء جريدة بريطانية لندنية عريقة نشرت خبرا مقتضبا في زاوية بينة على صفحتها الأولى:: (( نظرا للمستجدات الراهنة، فالصحيفة بصيغتها الورقية، في وارد الإحتجاب إعتبارا من بداية الأسبوع المقبل، والإكتفاء بالنشر الألكتروني على صفحات الإنترنت، وعلى الرابط التالي (********).
………….
ليس غريبا — بعد شيوع وإنتشار الأجهزة الألكترونية الحديثة والمستحدثة — ان نقرأ مثل هذا الخبر، بل ان التوقع وارد ان تحذو صحف ومطبوعات أخرى هذا المنحى في القريب العاجل، سيما والجهاز (النقال) بأسمائه المتعددة وآشكاله المتنوعة قادر على القيام بما لم تقدر عليه الصحيفة الورقية بآضعاف مضاعفة. هذا الجهاز السحري العجيب، والذي صار يلازم الشباب والشيوخ، النساء والرجال، الصبيان والصبايا، في غدوهم ورواحهم، ولا عجب، فمن ذا يتخلى عن نديم خفي، ساحر ( شبيك لبيك) يورد الآخبار على مدار الساعة.
يبث أحدث الأغاني وأقدم التسجيلات. يظهر زوايا الأحاجي والكلمات المتقاطعة. ينطوي على مفكرة بذاكرة إستيعابية لخزن الصور، والمقابلات، أرقام الهواتف، العناوين، رسوم الكاريكاتير، مداخلات إختبار الذكاء …. إلخ، إلخ
عجبي للإنسان مخترع هذا الساحر، عجبي له، هذا الشديد الضعف بالغ القوة.يباهي بجبروته وتؤلمه قرصة بعوضة. يقاتل من أجل ان يملك ويتسلط. ويدري إن وجبته الأخيرة حفنة تراب، يزرع الحنظل ويأمل ان يجني العسل، يبكي عندما يشتد به الفرح، ويضحك عند شدائد الآخرين، يشمئز من وحشية ذئاب الغاب، وهو أشد وحشية من ذئاب الغاب.
عجبي للإنسان، فعل الأعاجيب، وعجز أن يحمي نفسه من نفسه!!!
عزف على أوتار الواقع الراهن
[post-views]
نشر في: 17 إبريل, 2016: 09:01 م