تقترن لديَّ أحداث العراق دائما بحكاية تلك المرأة التي كانت تخون زوجها في منزلها .. وعندما عاد زوجها ذات يوم الى المنزل فجأة خلال وجود عشيقها افتعلت حريقاً في المطبخ لتحوّل انظار زوجها عن حجرة نومها فخرج عشيقها من دون أن يشعر به الزوج ، وهكذا تمكنت من اخفاء خطيئتها بإشعال حريق أجهز على المطبخ وامتد تأثيره الى جميع حجرات المنزل ..
ربما فعل العبادي الشيء نفسه حين أراد ان يعالج ازمة الاعتصام الصدري بتحويل انظار المعتصمين الى تغيير الكابينة الوزارية لكنه اشعل حريقا سياسيا امتدَّ تأثيره الى جميع المكونات فانقسمت بين مؤيد ومعارض وتفاقم خطر الحريق حين رفضت اغلب الكتل ترشيحاته الوزارية واعادت صياغة مشروعه باسلوب المحاصصة الذي أثار أزمة جديدة أدت الى انقسام البرلمان هذه المرة الى نواب معتصمين يرفضون المحاصصة وآخرين يرفضون الاعتصام الى درجة فصل اعضائهم المشاركين فيه ..
كان الأحرى بالعبادي ان يتجنب العبث بمصائرالكتل المتشبثة بمكاسبها بطريقته (الديمقراطية) وان يبدأ بالتخلي عن انتمائه لكتلته وولائه لها ليثبت نيته الصادقة في الإصلاح والتغيير وأن تليها خطوة محاسبة المتهمين بالفساد في حكومته وتقديمهم للمحاكمة مع سُراق المال العام وأصحاب قضايا الفساد الكبيرة والمعروفة لدى القاصي والداني ، ثم يقدم تشكيلة جديدة يتم اختيارها على اساس ( التكنوقراط) و(النزاهة) والإصرار على تمريرها بتأييد من الشارع وبعض الاصوات السياسية التي تؤيد الاصلاح والتغيير بعيدا عن المحاصصة والتحزب لكتلة ما ، لكنه اشعل الحريق ولم يعد قادراً على إخماده خاصة بعد ان عاد الصدريون الى الاعتصام وطالب قائدهم السيد مقتدى الصدر بحلول سريعة وحاسمة متكئا على تأييد الشارع له ولموقفه من العملية السياسية التي تُشرف على الانهيار ..
يؤلمني ان أرى بلدي وقد تحوّل الى ثوبٍ بالٍ كلما يحاول البعض رتق فتق فيه يظهر لنا فتقٌ آخر..انه يضيق علينا ونعجز عن التحرك فيه بحرية بعد ان كثرت محاولات اصلاحه فأدت الى تشويهه ..لم تنجح الاعتصامات في الضغط الحقيقي على الحكومة لتحقق اصلاحا حقيقيا ولم تنجح الحكومة في التخلص من أنانية الولاء للكتل والأحزاب ولم ينجح النواب المعتصمون في كسب ثقة الشارع او مواجهة تهديدات رؤساء كتلهم ..وهكذا يقوم الجميع بسحب أطراف الثوب البالي ليستروا به عوراتهم وأخطاءهم فيزداد تمزقا وتشويها ..قلبي عليك ياوطني.
أزمات..أزمات
[post-views]
نشر في: 18 إبريل, 2016: 09:01 م