كثيرون من أعضاء حكومتنا الإسلامية، الفدرالية والمحلية يرفضون مصافحة النساء، من الأجنبيات بخاصة، بدعوى أن المرأة عورة ونجسة، فضلا عن كونها غير مسلمة، وهذا ما شاهدناه في الفضائيات، لكنهم متصالحون معها، يصافحونها وبحرارة إن قبلت بهم عشيقة، خليلة. أما إذا كانت عضوا في شركة نفطية او تجارية أو غير ذلك من المنافع، التي لا تُضيّع مهما كانت الأسباب، فإنهم لا يجدون الحرج أو المانع الشرعي في أخذ يدها وتقبيلها، إذا أعطتهم بها ظرفاً ثميناً أو صكاً عابراً للمصارف والقارات. فتخريج مثل هكذا (هدايا) بسيط جداً. ودعواهم في ذلك: إن رسول الله كان يقبلُ الهدية.
في مقابلة تلفزيونية مع سفير العراق في واشنطن، تحدث الرجل عن وقائع وأخطاء في السياسة العراقية ويمكننا أن نجمل حديثه بهذا الشأن بما يعني الفشل والتخبط. وكدبلوماسي يدافع عن مهنته يقول بأن الدبلوماسية تتحرك على ضوء معطيات سياسة البلد، وكان يشير ضمنا إلى قضية مفادها غباء النخب السياسية العراقية الحاكمة، التي لم تنتفع من علاقتها بالولايات المتحدة، بعد احتلالها للعراق عام 2003، حيث نبهنا الى أن بغداد لم توقع مع واشنطن اتفاقية أمنية، وأن الأخيرة غير ملزمة بالدفاع عن حدود العراق. ولنا أن نتصور قضية حل الجيش العراقي وتفكيك مؤسساته وتخريب بنتيه التحتية التي هي من صنع أمريكا وحدها.
يتحرك المشهد السياسي العراقي والمتمثل بالنخب الدينية الحاكمة بغبائها الكبير فنتذكر صورة وزير خارجيتنا ابراهيم الجعفري أيام كان رئيسا للوزراء وهو يهدي سيف الإمام علي ذي الفقار الى وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد. ثم نعرّج على عشرات الصور التي يجتمع فيها كبار الساسة الأميركان مع كبار الساسة الدينيين العراقيين، وهم يتبادلون الهدايا والطعام والقبل أيضاً. وحين تتحدث الى أحدهم بموجبات ذلك أو هل فعل هذا في سلامة من دينه، تجده الباحث عن الطهر صاحب العفة والكرامة الذي لا يُباهل في أمر كهذا والحريص على نقاء معتقده، وما الى ذلك من حاضر وجاهز على لسانه؟ كيف يمكننا فهم هدية الجعفري لرامسيفلد من معطى التدين يا تُرى؟
كل التهم التي تُكال إلى العلمانيين والتيارات المدنية تنحصر بين الكفر وفساد الدين والعمالة للأجنبي. وكأن مَن يلتقي ويتحاور ويزور ويعقد الصفقات ويدير دفة السياسة العراقية هم العلمانيون لا سواهم، وكأن الذين أتوا بالأميركان وجيوش التحالف ووقعوا وثائق احتلال العراق هم العلمانيون لا غيرهم، وكأن الذين أشرفوا على بناء القوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية وجعلوا من الوزارتين الأمنيتين ( الدفاع والداخلية) حصصا طائفية هم العلمانيون لا غيرهم، وقد لا نحصي في الورقة الصغيرة هذه عدد (المناقب) التي أسست وشرعنت لها القوى الدينية.
تجارب أميركا مع الدول التي تحتلها او تبرم المعاهدات الأمنية والدفاعية والتجارية والاقتصادية معروفة في العالم، وتجارب الشعوب التي رفضت التعامل والتحالف مع اميركا معروفة أيضاً. ترى، هل يستطيع باحث في السياسة أن يرسم لنا إطاراً عاماً لنوع السياسة التي يتبعها العراقيون مع أميركا، هل هم معها أم ضدها؟ ولماذا لم تجعل بغداد من واشنطن حليفاً أمنيا لها قبل عام 2009 كيما لا تضطر لخطب ودها اليوم في القضاء على الإرهاب؟ هل كانت أميركا رجساً قبل اليوم؟
أيدي السياسيين العراقيين النظيفة التي رفضت مصافحة المرأة الأجنبية أمام الكاميرات بدعوى الرجس والنجاسة - اليد التي لا تحتوي على ظرف مغلق او صك عابر للقارات طبعا - وثقافة الإسلاميين الحاكمين التي تتقلب بين القبول والرفض بما ينسجم مع مصالحها الشخصية، ومعها الجمهور العريض من أبنائنا في الوسط والجنوب، من الذين ما زالوا إلى اليوم يرون في هؤلاء القداسة والطريق المثلى الى الجنان هي التي أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم!
يدها النجسة أم يدكم الخائنة؟
[post-views]
نشر في: 23 إبريل, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
وسام
احسنت أستاذ طالب. انهم منافقوووون قد أعدموا ضميرهم وطوعوه للفساد. اذا كان الدين او الاله الذي يعبدوه يأمر بعدم السرقة وهم يسرقون فهم لايؤمنون به بل يتشدقون به لمآرب دنيئة. لو كانو يؤمنون بالله لكانوا تابوا عن ماسفكوه من دم وتشريد وتيتيم منذ سفك دم المل
وسام
احسنت أستاذ طالب. انهم منافقوووون قد أعدموا ضميرهم وطوعوه للفساد. اذا كان الدين او الاله الذي يعبدوه يأمر بعدم السرقة وهم يسرقون فهم لايؤمنون به بل يتشدقون به لمآرب دنيئة. لو كانو يؤمنون بالله لكانوا تابوا عن ماسفكوه من دم وتشريد وتيتيم منذ سفك دم المل