اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لايتصافحون ؟

لماذا لايتصافحون ؟

نشر في: 23 إبريل, 2016: 06:50 م

كان الشاعر الزهاوي على جانب كبير من الظرف والفكاهة، وقد اعتاد أن  يأخذ من زوجته صباح كل يوم (يومية) قبل ان يذهب الى المقهى، ويحرص على أن تكون (اليومية) (خردة) تضعها له الزوجة  في كيس صغير ليسهل عليه توزيع (آناتها) ثمناً لما يشربه الذين يلتفّون حوله في المقهى مصفّقين له بحرارة كلما ألقى بيتاً من الشعر، وينقل لنا المؤرخ الراحل خيري العمري أن أحد الساسة العراقيين  كان شديد الإعجاب بنفسه محباً للشهرة التي تدفعه أحيانا الى استئجار أناس يكيلون المديح له في المكان الذي يتواجد فيه نكايةً بغريمه الرصافي الذي كان يجلس على " تخت " قبالته " يهزّ يديه  ساخراً من رجل عجوز يعتقد ان التصفيق يصنع شعراءَ كباراً .
عن التصفيق والمصفقين  أعدتُ قبل أشهر قراءة كتاب ممتع عنوانه  " لماذا يصفق المصريون " والكتاب في الحقيقة يتجاوز مسألة التصفيق عند أشقائنا أبناء النيل  ليتناول تاريخ  ظاهرة التصفيق عند جميع الشعوب وكيف تحوّل المصفّقون إلى أصحاب مهنة تدرّ عليهم أموالاً.
يُخبرنا الكتاب أنّ الإمبراطور نيرون أسّس مدرسة خاصة لتعليم فنون التصفيق ،وفي زمنه أصبحت مهنة المصفّقين المأجورين رائجة،  وأنه كان يأمر ما يقرب من خمسة آلاف فارس وجندي من أفراد الجيش بحضور الحفلات الموسيقية التي كان يغني فيها وهو يعزف على القيثارة؛ ليصفّقوا له بعد أن ينتهي من الغناء والعزف.
ويقول لنا  المؤلف إنّ هناك أنواعاً عدة من التصفيق  "يمكن التمييز بين نوعين منها :التصفيق الأول تصفيق حر، يقوم به الشخص من دون ضغوط خارجية، وبمحض إرادته الكاملة، والثاني تصفيق إجباري، يقوم به الشخص مضطراً بسبب وجود ضغوط أو قيود تجبره على التصفيق. فالتصفيق مرآة تنعكس عليها علاقات السلطة بالناس.
تذكرتُ  كتاب التصفيق ، وأنا أجد نفسي أُصفق بلا إرادة مني  ، حين وقعت عيني على خبر يقول ، ان من أوائل البرقيات التي  وصلت الى ملكة بريطانيا تهنئها بعيد ميلادها التسعين ، كانت للزعيم السابق للجيش الجمهوري الأيرلندي مارتن ماغينيس ، الذي قال للصحفيين إننا ندرك ان الناس تريد ان تعيش حياة دون صراعات.
العالم يعيش قدراً هائلا من التسامح ، فيما نحن نصرّ على ان نقضي أيامنا  بالأحقاد  والمعارك الفاشلة والساسة الانتهازيين  ، فقدنا مئات الآلاف من الضحايا وتشرد الملايين  ، لكننا نصرّ على أن نسلّم العدالة والقانون وحياة الناس الى سياسيين  يتباهون أنهم لم ولن يتصافحوا تحت قبة البرلمان  .
المشاهد الكوميدية في البرلمان  أصبحت شيئا مملًّا  ،  بعد 13 عاما من التغيير ، العراق عاجز عن تشكيل حكومة تُرضي المواطنين ، وتقنع الضمائر،  ونوّابنا ينحون باللائمة على المؤامرة الدولية !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. وسام

    وهذا مختصر الكلام كله. متى يتسامحون؟ متى يعطون الحق للاخر ان يعيش مثلما يريدون هم ان يعيشوا ؟ والسؤال هو هل يريدون الحياة ام لا؟ هل لديهم أفكار او نصوص او نية تعلمهم ان يتسامحوا؟ استاذي الفاضل هناك كراهية تسود ومستندة على نصوص ومفاهيم وتقاليد وأكثرها

  2. أبو أثير

    سيدي الكريم ... على ضوء ذكرك للتصفيق اللا أرادي من قبل العامة والناس للشخوص ... فعلى مدى سبعون عاما من عمري المتواضع لم أشاهد شخصية عامة نالت من عدد وحجم التصفيق اللا أرادي وتعبيرا عن غريزة الحب والتقدير والتفاني وألأخلاص بقدر ما ناله الزعيم الوطني العرا

  3. وسام

    وهذا مختصر الكلام كله. متى يتسامحون؟ متى يعطون الحق للاخر ان يعيش مثلما يريدون هم ان يعيشوا ؟ والسؤال هو هل يريدون الحياة ام لا؟ هل لديهم أفكار او نصوص او نية تعلمهم ان يتسامحوا؟ استاذي الفاضل هناك كراهية تسود ومستندة على نصوص ومفاهيم وتقاليد وأكثرها

  4. أبو أثير

    سيدي الكريم ... على ضوء ذكرك للتصفيق اللا أرادي من قبل العامة والناس للشخوص ... فعلى مدى سبعون عاما من عمري المتواضع لم أشاهد شخصية عامة نالت من عدد وحجم التصفيق اللا أرادي وتعبيرا عن غريزة الحب والتقدير والتفاني وألأخلاص بقدر ما ناله الزعيم الوطني العرا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

 علي حسين مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرين لرحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً.. صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي...
علي حسين

قناديل: عالَمٌ من غير أحزاب

 لطفية الدليمي ما يحصلُ بين الحزبين العتيديْن في الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الامريكية 2024 أمرٌ أبعد من فنتازيا جامحة. هل كنّا نتوقّعُ قبل عقدين مثلاً أن يخاطب رئيسٌ أمريكي رئيساً امريكياً سابقاً...
لطفية الدليمي

قناطر: العراقيون لا يتظاهرون!!

طالب عبد العزيز أمرٌ غريبٌ جداً، هو خلو شوارع البلدان العربية كالعراق وسوريا ومصر وليبيا وغيرها من التظاهرات المنددة بما يجري في غزة ولبنان والمنطقة بعامة، من انتهاكات، وتجاوزات، صهيونية وأمريكية، فيما شوارع العالم...
طالب عبد العزيز

تعديل قانون الأحوال الشخصية.. من منظور سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح تذكير(في 23 تشرين الثاني 2013 انجز وزير العدل السيد حسن الشمري مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي جاء امتثالاً لمرجعه السياسي والفقهي السيد اليعقوبي المحترم، مع ان المسؤولية تفرض عليه...
د.قاسم حسين صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram