TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كرسيّ سليم وكهرباء الشهرستانيّ

كرسيّ سليم وكهرباء الشهرستانيّ

نشر في: 25 إبريل, 2016: 06:13 م

منذ سنوات نشهد  تظاهرات واحتجاجات واسعة  على تردّي الأوضاع الخدمية والمعيشية و انتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة  و عقم الوضع السياسي  ، ومثل كلّ حركة احتجاج تخيف المسؤولين وتقلقهم ،  اتهم شباب التظاهرات  بأنهم ينفّذون أجندة أجنبية  ،  وفي الأسابيع الأخيرة حاول النواب ومعهم بعض السياسيين  ركوب الموجة ، فأعلنوا اعتصامهم في البرلمان ، ولم يكن هدف السادة المعتصمين فتح ملفات الفساد أو محاسبة مثيري الفتن الطائفية ، وكانت خطبهم  جميعها ،  تريد استبدال مصطلح المحاصصة الطائفية بمصطلح التوازن السياسيّ .
نتذكر جميعاً أنّ بداية احتجاجات الشباب ، كانت من أجل الخدمات ، ونتذكر جدياً أنّ الكهرباء وانعدامها كانت المحرّك الأول ،لأن تخرج الناس لتسأل  :  أين صرفت المليارات ، ووفقاً للأرقام المعلنة حتى الآن فإن عشرات المليارات من أموال العراقيين سرقت بحجة الكهرباء حتى أنّ البعض قال ساخراً :إن ما نُهب من اموال الكهرباء  يكفي لشراء أصول شركة 'جنرال ألكترك' ومعها شركتا "سيمنز وإلكترونك.  
ولأننا شعب طيّب  ، فقد قرر نوابنا الأعزاء ، اللعب على مشاعرنا ، وبدلاً من تقديم المتهمين الأساسيين في نهب ثروات البلاد ، أخبرنا  المعتصمون  أنّ المشكلة الأساسيّة  هي  سليم الجبوري ،  وأتمنى أن لايعتقد البعض أنني أُدافع عن رئيس البرلمان   ، فأنا كنت ولا أزال  أعتقد أن لا أحد من العراقيين يمكن ان يقع في غرام مثل هكذا برلمان " عاجز "  بضاعة مزيّفة .
للأسف نحن نفتقد قيمة الاعتراف  بالخطأ ، ولانملك إرادة الخروج من نفق التصريحات الطائفية  ، فكّروا قليلاً وستجدون  مثلاً  ، كم  نائب انتفض وقرر أن يحاسب حسين الشهرستاني على " عنترياته "  التي أخبرنامن خلالها  أن عام 2013  ، سيشهد تصدير الكهرباء الى دول الجوار ، لنصحو عام 2016 على بيان يبشرنا  أنّ هذا الصيف سيشهد انخفاضاً حاداً في معدلات الطاقة الكهربائية ، إذن أين ذهبت تظاهرات شباط عام 2011 وما بعدها ،  ومن المسؤول عن اختفاء أكثر من خمسين مليار دولار على وهم اسمه الكهرباء ؟!
الضحيّة هنا  المواطن المسكين الذي صدّق أنّ اعتصام البرلمان ة يمكن أنْ يفتح ملف وزير سارق مثل فلاح السوداني ،او ان يحاسب رئيس كتلة سياسية ويقول له من اين لك هذا  ؟  
سينتهي اعتصام النواب اليوم أو غداً ،  وسيغلق الستار على هذا الفصل المسلّي  من  مسرحية " ثورة  البرلمان البيضاء " ، وسيكتشف المواطن المسكين أنّ الأمر كان مجرّد مناكفات سياسية ، هدفها الأول صرف الأنظار عن غياب الخدمات وتردّي الأمن  وضياع الموصل ، وخراب الكهرباء وكفاءة الشهرستاني ! لننشغل بكرسي سليم الجبوري .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram