الاحتفال بعيد العمال العالمي في العراق، اقتصر هذا العام على رفع البرقيات ، مع تمنيات بتحقيق مستقبل زاهر ، في وقت تعيش فيه البلاد ازمة سياسية مستعصية ، جعلت مناسبة الاول من ايار بلا لون ولا طعم ولا رائحة تقريباً.
النظام السابق بقراره تحويل العمال الى موظفين جعل عيدهم يوما عاديا بعد ان كان قبل القرار ينظم احتفالية في ملعب الشعب ، بحضور اعضاء المجلس المركزي لاتحاد نقابات العمال يرتدون البدلات السفاري المستعارة من الاشقاء المصريين ، ثم ينتهي الاحتفال بتوجيه برقية عهد وولاء الى القيادة الحكيمة ، وتجديد استعداد الطبقة العاملة قبل تحويلها الى موظفين لزيادة الانتاج لتحقيق اهداف الحزب بدهن الراعي وزبيدة وقماش خام الشام من انتاج معامل النسيج في محافظة واسط .
نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي توجه وفد من عمال العراق الى الصين كان يضم قيادات نقابية معظمها من عمال السكك ، لبحث تعزيز العلاقات بين عمال البلدين وبما يخدم المصالح المشتركة والمضي في تحقيق النظام الاشتراكي ، الزعيم الصيني الراحل ماو تيسي تونج استقبل الوفد وابدى اعجابه بالعامل العراقي الراحل عبد الامير عباس ابوشلال ، واهداه معطفه الاسود المصنوع من الصوف الخالص .
الراحل ابو شلال عاد الى العراق بمعطف ماو ، وتقديرا لهدية الرئيس الصيني اطلق اسم بكين على ابنته البكر ، لتبقى الزيارة الى الصين محتفظة بمعناها الكبير ، تتجاوزالخلافات العقائدية والتفسيرات الخاصة بتطبيق نظريات بناء الاشتراكية ، قصة معطف ماو انتقلت الى ابناء واحفاد الراحل ، حتى طغت على احداث كثيرة رافقت عمله السياسي ، بدءا من تعرضه للسجن مع رموزالحركة الوطنية العراقية ثم الملاحقة المستمرة من رجال الامن ، في السنوات الاخيرة من عمره ، كتب عنه احد المتبرعين تقريرا قدمه الى الفرقة الحزبية يشير فيه الى ان ابا شلال قيادي في حزب الدعوة الاسلامية ، فرد المسؤول الحزبي جزاه الله خيرا التقرير الى كاتبه مع توبيخ بضرورة الاستناد الى معلومات دقيقة .
في سنوات اعتزال العمل السياسي حافظ الراحل ابو شلال على علاقاته مع رفاقه السابقين المتقاعدين ، في ليالي الشتاء حين يرتدي معطف ماو كان يقول لمعارفه انه يكتسب حالة كبيرة من التفاؤل تجعله يشعر بان عمر الطغاة قصير ، لكنه في الوقت نفسه لطالما عبر عن قلقه من انتقاله الى العالم الآخر قبل ان يشهد اقامة نظام ديمقراطي في العراق ، ليحتفل بعيد العمال مرتديا معطف ماو في الاول من ايار على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة.
في عام 2001 فارق عبد الامير عباس الحياة تاركا معطف ماو أمانة بين افراد اسرته ، وفي الزمن الديمقراطي قتل ابنه عباس في احداث العنف الطائفي ، ولحق به حسين الملاح زوج بكين بحادث تفجير بمنطقة الكرادة.
"معطف ماو" لعامل عراقي
[post-views]
نشر في: 4 مايو, 2016: 09:01 م