القوى المنضوية ضمن التحالف الوطني الحاكم اعلنت في اكثر من مناسبة انها مع الاصلاح قلبا وقالبا ، بلمساتها السحرية سوف تمضي نحو اجراء التعديل الوزاري الشامل وليس بسيف حيدر العبادي ، كما يتصور من يراهن على قدرة رئيس الحكومة على تحقيق المعجزات ، بصرف النظر عن تقاطع المواقف حول التشكيلة الوزارية الجديدة ، هل يستطيع التعديل الوزاري تلبية مطالب العراقيين ، وهي كثيرة بدءا من توفير الخدمات الاساسية مرورا بمعالجة الأزمة المالية الى ضمان استقرار الأوضاع الأمنية ، بطرد اخر داعشي من الاراضي العراقية لتتفرغ الحكومة لبناء واعمار المدن المحررة لضمان عودة النازحين الى مناطق سكنهم ، اما التشريعات المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية فمن المؤكد انها بحاجة الى سنوات ضوئية لتمريرها ، لتعيش الاجيال المقبلة في ظل اجواء مستقرة. المطلعون على تفاصيل اجتماعات التحالف الوطني اكدوا ان قادته السياسيين ايدوا بعض اصلاحات العبادي على مضض ، خضير الخزاعي كان اول المعترضين، قال للعبادي بالحرف الواحد انت "تريد اجتثاث الاسلاميين" .
الممثل المصري الراحل يوسف وهبي ، عرف عنه انه في الكثير من ادواره التمثيلية كان يستخدم لازمته الشهيرة "يا للهول" حين يعترض او يبدي استياءه من موقف ما ، حتى انتقلت اللازمة الى الجمهور فأصبحت ماركة مسجلة باسم صاحبها، مع منح حق قولها لمن يرغب في التعبير عن ردود افعاله تجاه قضايا عامة او خاصة ، على وفق هذه القاعدة ، القلق من الاجتثاث بالمفهوم العراقي انتقل الى اطراف اخرى ، لطالما ادعت انها من القوى السياسية ذات الخدمة الجهادية في مقارعة الديكتاتورية.
اثبتت تجربة السنوات الماضية فشل احزاب الاسلام السياسي في ادارة الدولة ، حملتها المرجعية الدينية في النجف مسؤولية الاخفاق الحكومي ، بالاستحواذ على المناصب مع تكريس المحاصصة الطائفية بكل اشكالها البشعة ، يا للهول ، فاندحرت فرص ارساء دولة مواطنة ، اصبح تحقيقها ضمن الاحلام والأمنيات المؤجلة الخاضعة للاجتثاث منذ فرض مستر بريمر ارادته على النخب السياسية باعتماد المثلث الشيعي السنّي الكردي ليكون الشعارالافضل في نسخة العراق الديمقراطية.
المطالبون بالغاء التهميش والاقصاء تخلوا عن شعارهم ، فالحديث عن تحقيق التوازن في مؤسسات الدولة ما عاد مجديا بوجود اكثر من مليوني نازح تعرضوا لعملية اجتثاث منظم نفذها تنظيم داعش في المدن الخاضعة لسيطرته ، الصفحة الجديدة من التهميش القسري ستكون بعنوان "اجتثاث الاسلاميين" يتحمل العبادي مسؤولية تنفيذها ، بحسب رأي المجتثين الجدد ، الراغبين في ان يكون تمثيلهم في الحكومة أزليا ، لضمان توفير متطلبات استحقاقات خوض الانتخابات المحلية والتشريعية.
ضياع فرصة الحصول على تمثيل في الحكومة بوزارة واحدة ، يعد بنظر بعض القوى السياسية اجتثاثا قسريا يخدم مصالح جهات معادية للتجربة الديمقراطية ، على وفق هذه النظرية ليس من المستبعد اطلاقا استحداث "منتدى المجتثين" للدفاع عن حقوق المهمشين من الساسة لعلهم يستطيعون استعادة حضورهم في المشهد بتشكيل قائمة انتخابية تحصد جميع اصوات الناخبين فيحالفها الحظ في طرح مرشحها لرئاسة الحكومة المقبلة ، ياللهول .
سيف العبادي المسلول
[post-views]
نشر في: 7 مايو, 2016: 09:01 م