TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حينَ يشكو العبادي من الشعب

حينَ يشكو العبادي من الشعب

نشر في: 7 مايو, 2016: 07:09 م

الأصل  في الدول الديمقراطية، أن يشكو  الشعب ويثور كلّما شعر بأنّ هناك ما يستدعي هذه الشكوى، هل هناك جديد في  ديمقراطية دولة القانون؟ نعم،  رئيس الوزراء يشتكي من الشعب، لأنه  دخل المنطقة الخضراء من دون  جواز سفر!
دعكم مما أغضب السيد العبادي، وانسوا تماماً أنه غضب  لتظاهرة تطالب بالإصلاح الذي صدّع رؤوسنا به منذ أشهر ، لكن دعوني أسال  مثلاً  لماذا لم يغضب وهو يرى أنّ البلاد على حافة الإفلاس ، لماذا لم يغضب، وهو يرى دماء العراقيين  تهدر كل يوم بسبب فشل أجهزة الأمن ؟ لماذا لم يغضب وهو يقرأ تقرير منظمة العفو الدولية من أنّ هناك سجوناً سريّة في العراق، لايعلم أحد عنها شيئا، وكأنّ القائمين عليها يعيشون خارج سلطة القانون ؟ لماذا لم يغضب وأزمة الكهرباء تعود للمربع الاول في الوقت الذي صرفت عليها أموال تعادل ميزانية خمس دول أفريقية ؟!
العبادي  لم يغضب من كل ذلك، بما يعني أنّ أولئك الذين يعتقدون أنه يمكن لرئيس الوزراء أن يحقّق خطواتٍ  جيدة في ملف الإصلاح واهمون تماماً، لأنّ مفهوم  الإصلاح عند السيد العبادي  يرتبط بأمن النواب وراحتهم اكثر من ارتباطه بهموم الناس وقضاياهم .
يلجأ المسؤول  للشعب حين يواجه أزمة سياسية، لكن حين يواجه أزمة مع الشعب، فإن الحل الوحيد هو الاستماع لمطالب الناس ، والإنصات  الى  معاناتهم، وليس التلويح بإصبع الطاعة وبعصيّ الأمن
في معظم تجارب الشعوب،  الدولة هي  كل شيء. لذلك قامت الدول  على أساس المواطنة وليس الطائفة أو المعتقد، ولا أجد مبرّراً لأن أُعيد على مسامعكم عدداً من الأمثلة والنماذج التي طالما حاولتُ أن أعقد مقارنة بينها وبين ما يجري في بلاد الفتلاوي والدايني ، وعذراً إن عدتُ للمقارنة فماذا أفعل وأنا معي ملايين العراقيين، نعيش كل يوم في فصل ساخن من  فوصل كتاب الفتنة الكبرى ؟!
للمرة الثانية في فترة قصيرة، تبدو بريطانيا، بأحداثها، أحرى بالكتابة من تهديدات العبادي وخطبه المزوّقة عن الإصلاح، بريطانيا التي يصر فيها خالد العطية، أن يخلع عمامته تيمناً بالمدنية التي  طالما شتمها تحت قبة البرلمان، تعيش عاصمتها لندن  هذه الأيام   لحظة  فاصلة في التاريخ ، حين أصرّ الناخبون على أن يجلس مسلم على كرسيّ المحافظ ، في عملية ديمقراطية تُثبت أنّ  الغرب " الكافر " أكثر تمسّكاً بقيم التسامح والمحبّة من بلدان ترفع فيها رايات الله أكبر  .
ثمّة غضب لايعرفه السيد العبادي ، دموع المهجّرين وخيام المشرّدين، وصراخ الضحايا، والملايين الذين يعيشون تحت خطّ الفقر،لأنهم صدّقوا أنّ هناك من سيغضب ويثور لمعاناتهم  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    يااستاذ علي لماذا لاتريدوا ان تصدقوا ان هؤلاء لايحترموكم ولايعيروا لكم اية اهمية وحوارهم فيما بينهم هو احتقار الشعب العراقي الذي يصفونه بالبعثي والهمجي وسهل الانقياد لارادتهم والكل يراهن على عديد اتباعه وان اعدادهم في الحقيقة لايستهان بها وهذه القطعان الت

  2. ابو سجاد

    يااستاذ علي لماذا لاتريدوا ان تصدقوا ان هؤلاء لايحترموكم ولايعيروا لكم اية اهمية وحوارهم فيما بينهم هو احتقار الشعب العراقي الذي يصفونه بالبعثي والهمجي وسهل الانقياد لارادتهم والكل يراهن على عديد اتباعه وان اعدادهم في الحقيقة لايستهان بها وهذه القطعان الت

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram