TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شبح الانتقام الرئاسيّ

شبح الانتقام الرئاسيّ

نشر في: 8 مايو, 2016: 06:44 م

ثمّة شبح يجول في البلاد، انطلاقاً من المنطقة الخضراء. رئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب بكامل قوامها - وأرجو ألّا يكون رئيس الجمهورية ضمن هذا الركب- يدفعون باتجاه إلقاء القبض على مئات من المتظاهرين بتهمة خرق القانون والحطّ من هيبة الدولة والإضرار بالمال العام.
المتظاهرون الذين يلاحقهم شبح الانتقام الرئاسي، الحكومي – البرلماني، هم الذين اقتحموا مبنى مجلس النواب في اليوم الأخير من الشهر الماضي، وعبث بعضهم، وربما غيرهم، بالمكان فأحدثوا أضراراً قدّر أحد أعضاء مجلس النواب قيمة إصلاحها بخمسة وستين مليون دولار، وهي قيمة مُبالغ فيها على نحو مفرط، لكنها بالطبع ليست كذلك بمعايير الفساد الإداري والمالي الذي لم ينجُ منه أي مشروع  أُنجز أو تعثّر أو جرى التعاقد عليه ولم يُنجز، منذ 2003 حتى اليوم.
من الواضح أنّ رئيس الوزراء، ومعه رئاسة مجلس النواب بكامل هيئتها، تحدوهم رغبة في فعل شيء يعتقدون أن في مقدوره تعويضهم عن فشلهم في تحقيق قصة نجاح واحدة ذات قيمة منذ تولّيهم مناصبهم قبل نحو سنتين حتى اليوم، برغم الوعود الخلّابة التي أطلقوها في الحزم الإصلاحية المعلنة في العام الماضي وجرى اختزالها إلى تشكيل متعثّر لحكومة توصف بأنها تكنزقراطية ومستقلة، ولن تكون كذلك. وبالنسبة لرئيس الوزراء ورئاسة البرلمان فإن المتظاهرين حاشية رخوة وهدف سهل، بخلاف غيرهم ممن تتوفر لهم الحماية المكينة بفضل كتلهم البرلمانية والحكومية الكبيرة والميليشيات المدججة بالسلاح الخفيف والمتوسط والثقيل، فضلاً عن المال الفاسد.
 الأكيد أنّ رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان لن تعوزهما الحيلة ولن تنقصهما القدرة على القيام بالفعلة التي يجول شبحها في طول البلاد وعرضها، فإلى جانبهما سيجدان قضاءً جاهزاً لأن يكون، كما كان من قبل، طوع البنان، وسيصطفّ معهما "إعلام" فاسد  يطبّل ويزمّر ويرقص في كل "مولد" رسمي.
وإذا ما حصل وقام رئيس الوزراء وهيئة رئاسة البرلمان بهذه الفعلة، فإنهم في الواقع سيفتحون عليهم أبواب جهنم. الناس الذين فقدوا الثقة بالحكومة والبرلمان والقضاء، وهم كثيرون للغاية، سيطرحون الأسئلة التي يصعب على رئيس الحكومة وهيئة رئاسة البرلمان الإجابة عنها، وهي أسئلة تتعلق بالمئات، بل الآلاف، من عمليات الخروج على القانون والتعدّي على الأملاك العامة وسرقة المال العام على أيدي كبار المسؤولين في الدولة، حكومة وبرلماناً وقضاءً وهيئاتٍ "مستقلة"، وفي الأحزاب والكتل والائتلافات الحكومية والبرلمانية المتحكمة بالعملية السياسية.
من هذه العمليات أو القضايا، على سبيل المثال، أنّ أحزاباً وزعاماتٍ حزبية مُمثَّلة في الحكومة والبرلمان وقيادات ميليشياوية قد استحوذت، من دون وجه حق، على أملاك عامة ثمينة وتصرّفت من دون سند قانوني بمليارات الدولارات التي غُسلت وهُرّبت إلى الخارج (تُقدَّر قيمتها بما يزيد على 400 مليار دولار)، فلماذا لا تُظهِر الحكومة ورئيسها والبرلمان وهيئته الرئاسية والسلطة القضائية، غِيرتَها حيال هذه التجاوزات الخطيرة المتكررة، فيما تأخذهم الحميّة بعيداً جداً حيال قضية لا تكاد تُذكر في حجمها وقيمتها ودلالتها بالمقارنة مع قضايا التعدّي على أحكام الدستور والقوانين النافذة والتطاول على أملاك الناس والممتلكات العامة وهدر المال العام، بل سرقته.
كيف، حينئذ، سيواجه رئيس الوزراء وهيئة رئاسة البرلمان هذه الأسئلة وسواها؟ وبماذا يجيبون عنها؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. د عادل على

    معاقبة المتظاهرين لاتنفع-------ادهبوا الى الرؤوس المخططين والامرين واعتقلوهم وحاكموهم حتى لا يتكرر هدا الاجرام الخطير-----الطامعون فى الكورسى الدهبى والسحرى يريدون العود اليه بعد ان قعدوا 8 سنين عظام فيه واثر السجر باقى وهدا عمل غير اخلاقى فيا رفاقى من

  2. ابو سجاد

    ياسيدي قل ستواجه السفارتين الايرانية والاميريكية هذه الاسئلة وبماذا سيجيبون ولاتقل رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان فما هؤلاء الا ادوات تتحرك من خلالها السفارتين وكنا نتمنى من هذه التظاهرات والاعتصامات لو لم تكن مجيرة الى جهة سياسية معينة ان تتوجه مباشرتا ال

  3. بغداد

    أستاذ عدنان حسين اين هو القضاء الشريف العادل في العراق لكي يكون من الممكن القاء القبض على الرؤوس الكبيرة زعماء احزاب الاسلام المزيف الذي هو في الحقيقة شياطين مقنعة بقناع الاسلام والإسلام بريئ من هؤلاء الساقطين في وحل الجريمة المنظمة من انتهاكات للحرمات بش

  4. د عادل على

    معاقبة المتظاهرين لاتنفع-------ادهبوا الى الرؤوس المخططين والامرين واعتقلوهم وحاكموهم حتى لا يتكرر هدا الاجرام الخطير-----الطامعون فى الكورسى الدهبى والسحرى يريدون العود اليه بعد ان قعدوا 8 سنين عظام فيه واثر السجر باقى وهدا عمل غير اخلاقى فيا رفاقى من

  5. ابو سجاد

    ياسيدي قل ستواجه السفارتين الايرانية والاميريكية هذه الاسئلة وبماذا سيجيبون ولاتقل رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان فما هؤلاء الا ادوات تتحرك من خلالها السفارتين وكنا نتمنى من هذه التظاهرات والاعتصامات لو لم تكن مجيرة الى جهة سياسية معينة ان تتوجه مباشرتا ال

  6. بغداد

    أستاذ عدنان حسين اين هو القضاء الشريف العادل في العراق لكي يكون من الممكن القاء القبض على الرؤوس الكبيرة زعماء احزاب الاسلام المزيف الذي هو في الحقيقة شياطين مقنعة بقناع الاسلام والإسلام بريئ من هؤلاء الساقطين في وحل الجريمة المنظمة من انتهاكات للحرمات بش

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram