TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رُعب الفتلاوي من الزومبي العراقي

رُعب الفتلاوي من الزومبي العراقي

نشر في: 8 مايو, 2016: 07:23 م

عاش المصريون لسنوات مع ظاهرة  توفيق عكاشة ، النائب الذي يظهر على شاشة التلفزيون 24 ساعة في اليوم  ، مثله مثل زميله مرتضى منصور الذي  يحلو له ان يقول كل ما يخطر ولا يخطر على البال ، الاثنان لهما صفة العضوية في مجلس النواب ، ولأسباب تتعلق بشخصيتي " الفضولية " فقد كنت أستمتع بمتابعة  عكاشة الذي لايمكن ان تفتح صحيفة مصرية دون ان تقع عينيك على صورته  وهو يتوعد  ويهدد ، ولأنّ الله لطيف بعبادة فقد تخلّص المصريون من توفيق عكاشة ، وكانت نهايته السياسية  بواسطة " قندرة " ذكّرتنا بحذاء النائبة عالية نصيف ، في برلماننا العراقي نشاهد كل يوم نموذجاً لايختلف بالسلوك والكوميديا عن عكاشة المصري ، نواب يظهرون على شاشات الفضائيات ليسكبوا أطنانا من البلاهة والسخف ، البعض يمارس الدجل السياسي باسم الدين بنفس الطريقة ، التي يستخدمها زميله باسم دولة القانون ، وعشنا ولانزال مع نواب بضاعتهم  السياسية واضحة في فسادها وعدم صلاحيتها، لكن وجدنا من  يروج لهذه البضاعة  ، ويفتح عينيه وعقله ليستقبل هذه المبيدات " البشرية " القاتلة ، ويذهب طائعاً ليهتف باسمها في طوابير الانتخابات .
مِن هذه النماذج النائبة حنان الفتلاوي التي حرصت منذ دخولها عش دولة القانون عام 2010 على تسخيف طروحات المحتجين الشباب ،  فما الإصلاح أمام منجزات الحكومة ، وما العدالة الاجتماعية  أمام الدفاع عن أرادة النواب ، وما الامن والامان أمام مواجهة الاجندات الاجنبية ! وأشاعت صاحبة نظرية التوازن  ، أنّ المتظاهرين هم بقايا البعث وأيتامه  ، ولم تقل لنا مرة مَن المسؤول عن الخراب الذي حلّ بمعظم مدن العراق ، فمثل هذه " الصغائر " لا  مجال للتفكير  فيها.
اليوم تعود حنان الفتلاوي  ، ولكن بطبعة جديدة ،فبعد ان قادت اعتصام النواب وأيقنت أنّ الاحتجاجات هي الطريق لتصحيح المسار السياسي ، عادت " ريمة " الى عادتها القديمة ،  وتذكرت ان المتظاهرين ليسوا جزءاً من هذا الشعب ، فهم مجرد " زومبيات " لايجوز الاقتراب منهم  ، بهذه الهمة  وصفت ا النائبة  المنتحبة ،  آلاف العراقيين البسطاء ممن تجرّأوا و" دنّسوا " عتبة البرلمان.
ولأننا نعيش مع كائنات تدلق علينا كل يوم سخامها المميت ، فقد خرج علينا النائب محمد الكربولي ليؤكد  انه يعمل  بالدرجة الأولى من أجل مصالح " أهلنا وناسنا "  وبالدرجة الثانية من أجل مصالح الشعب العراقي،  ولأن الكربولي لايختلف عن الفتلاوي سوى بنبرة الصوت ، فهو يعرف جيداً أنّ القصة في العراق ليست صراعا مذهبيا ، مثلما يحاول منتفعو السلطة تصويرها للعالم، الحكاية  بالأساس هي اقتسام للغنائم، وخطف للوطن، وإعلاء المصالح الشخصية ، على حساب مصالح الناس، وترسيخ قيم المنفعة والمحسوبية والانتهازية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram