عاش المصريون لسنوات مع ظاهرة توفيق عكاشة ، النائب الذي يظهر على شاشة التلفزيون 24 ساعة في اليوم ، مثله مثل زميله مرتضى منصور الذي يحلو له ان يقول كل ما يخطر ولا يخطر على البال ، الاثنان لهما صفة العضوية في مجلس النواب ، ولأسباب تتعلق بشخصيتي " الفضولية " فقد كنت أستمتع بمتابعة عكاشة الذي لايمكن ان تفتح صحيفة مصرية دون ان تقع عينيك على صورته وهو يتوعد ويهدد ، ولأنّ الله لطيف بعبادة فقد تخلّص المصريون من توفيق عكاشة ، وكانت نهايته السياسية بواسطة " قندرة " ذكّرتنا بحذاء النائبة عالية نصيف ، في برلماننا العراقي نشاهد كل يوم نموذجاً لايختلف بالسلوك والكوميديا عن عكاشة المصري ، نواب يظهرون على شاشات الفضائيات ليسكبوا أطنانا من البلاهة والسخف ، البعض يمارس الدجل السياسي باسم الدين بنفس الطريقة ، التي يستخدمها زميله باسم دولة القانون ، وعشنا ولانزال مع نواب بضاعتهم السياسية واضحة في فسادها وعدم صلاحيتها، لكن وجدنا من يروج لهذه البضاعة ، ويفتح عينيه وعقله ليستقبل هذه المبيدات " البشرية " القاتلة ، ويذهب طائعاً ليهتف باسمها في طوابير الانتخابات .
مِن هذه النماذج النائبة حنان الفتلاوي التي حرصت منذ دخولها عش دولة القانون عام 2010 على تسخيف طروحات المحتجين الشباب ، فما الإصلاح أمام منجزات الحكومة ، وما العدالة الاجتماعية أمام الدفاع عن أرادة النواب ، وما الامن والامان أمام مواجهة الاجندات الاجنبية ! وأشاعت صاحبة نظرية التوازن ، أنّ المتظاهرين هم بقايا البعث وأيتامه ، ولم تقل لنا مرة مَن المسؤول عن الخراب الذي حلّ بمعظم مدن العراق ، فمثل هذه " الصغائر " لا مجال للتفكير فيها.
اليوم تعود حنان الفتلاوي ، ولكن بطبعة جديدة ،فبعد ان قادت اعتصام النواب وأيقنت أنّ الاحتجاجات هي الطريق لتصحيح المسار السياسي ، عادت " ريمة " الى عادتها القديمة ، وتذكرت ان المتظاهرين ليسوا جزءاً من هذا الشعب ، فهم مجرد " زومبيات " لايجوز الاقتراب منهم ، بهذه الهمة وصفت ا النائبة المنتحبة ، آلاف العراقيين البسطاء ممن تجرّأوا و" دنّسوا " عتبة البرلمان.
ولأننا نعيش مع كائنات تدلق علينا كل يوم سخامها المميت ، فقد خرج علينا النائب محمد الكربولي ليؤكد انه يعمل بالدرجة الأولى من أجل مصالح " أهلنا وناسنا " وبالدرجة الثانية من أجل مصالح الشعب العراقي، ولأن الكربولي لايختلف عن الفتلاوي سوى بنبرة الصوت ، فهو يعرف جيداً أنّ القصة في العراق ليست صراعا مذهبيا ، مثلما يحاول منتفعو السلطة تصويرها للعالم، الحكاية بالأساس هي اقتسام للغنائم، وخطف للوطن، وإعلاء المصالح الشخصية ، على حساب مصالح الناس، وترسيخ قيم المنفعة والمحسوبية والانتهازية.
رُعب الفتلاوي من الزومبي العراقي
[post-views]
نشر في: 8 مايو, 2016: 07:23 م