كلما مررنا بمرحلة احباط سياسي او غياب فاعل للعملية السياسية ينبري احد من السياسيين الجهابذة ليصبح بطل الفيلم السياسي والنجم الأكثر شعبية واجتذاباً للجمهور ، وبالطبع سيرضيه بعدها ان يرى البعض يحمل صورته في التجمعات او التظاهرات ليعلنه منقذاً او ملاذاً من الخيبة السياسية .. وهكذا ، اصبح العبادي بطلا للفيلم السياسي العراقي حين حمل لواء الإصلاح وطالب بالتغيير وبالقضاء على الفساد وتنظيف المجتمع من حيتان الفساد وأذنابه ...وصدّق المواطنون البسطاء فحملوا صورته واعتقدوا انهم وجدوا الرمز الذي يبحثون عنه منذ ان تشتتت خياراتهم بين وجوه واتجاهات متعددة ...ومرت الايام ، ولم تصدر من بطل الساحة افعال بطولية وساد الإحباط من جديد وتضاءل عدد المتظاهرين في ساحة التحرير وبدلا من ان يحمل المتظاهرون شعارات "كلنا معك ياعبادي " ،حملوا صورته وهو نائم مع شعارات تُدين تسويفه وتباطؤه وضعفه ...وفجأة ، ظهر أبطال آخرون ليتسيدوا المشهد وصار كل واحد منهم منقذا جديدا، فخرج اتباعه ومؤيدوه بكل حماس ليتظاهروا ويدلوا بالتصريحات النارية أو ليعتصموا امام بوابات المنطقة الخضراء أو داخل مبنى البرلمان، لكن ما لبث البعض منهم ان انسحب وترك الأمر بيد قادة الكتل الذين اشتركوا في بطولة جماعية ووضعوا وثيقة شرف تصوروا انها ستنقذهم من الأزمة السياسية العاصفة لكنها اصابت المواطنين بالمزيد من الاحباط، ووجد عدد من اعضاء البرلمان الفرصة سانحة ليوزعوا ادوار البطولة بينهم ويحملوا لواء الإصلاح والتغيير والرفض لما يجري في الكواليس السياسية من تأكيد للمحاصصة ووجدوا لهم مؤيدين ومناصرين ومعجبين برغم ان بعضهم اشتهر بتمثيل الادوار الهابطة وارتداء أقنعة متعددة ..بالتدريج ، انحسرت البطولة الجماعية للسياسيين وقرر اتباع التيار الصدري ومؤيدوه ان يمثلوا الشعب بدلا من البرلمان الذي لم يفعل اكثر من الانقسام وتعقيد العملية السياسية فوجدوا في اقتحام الخضراء مشهد (اكشن) سيضيف للفيلم السياسي العراقي إثارة وتشويقاً أكثر تأثيرا من المشاهد الدرامية التي جسّدها رئيس الوزراء ثم قادة الكتل ومن بعدهم نواب البرلمان المعتصمون ...ولم يمضِ يوم واحد حتى اكتشف الجميع – بمن فيهم ابطال الفيلم من المعتصمين – ان الفيلم لم يرقَ الى المستوى المطلوب وأن مخرجه غادر الميدان مؤقتاً وغاب رجال السياسة الآخرون اما بفعل الخوف من ظهور افلام جديدة اقوى واكثر تأثيراً، او لعجزهم عن اخراج فيلم جديد يجتذب الجمهور ويحقق اعلى نسبة اعجاب وتأييد . وهكذا عاد الاحباط والفراغ السياسي ليخيم على البلد مع محاولات بائسة من رئيس كتلة اشتهر بكونه أسوأ ممثل عرفه الجمهور لتصدر المشهد عن طريق لم شمل النواب وعقد جلسة متكاملة تجرى فيها خطوات اصلاح حقيقية ..انه يعتقد حتما بأن الحل الآن في يده فالفرصة سانحة لمن يريد ان يجسد دور البطولة وسط كل هذه الفوضى وغياب الرموز السياسية ..لكن ماغاب عن ذهن هذا السياسي ورفاقه ان الجمهور سئم التمثيل الهابط والضحك على الذقون ولم يعد يمتلك الحماس لمشاهدة افلامهم اوتأييدها وبالتالي ، عليهم ان يكتشفوا طريقة جديدة لاجتذاب الجمهور بأن يقدموا عملا هادفاً يشارك فيه الجميع بتوافق وبمنح كل منهم الدور الذي يناسبه مع استخدام وجوه جديدة واعدة عسى ان يغادرنا الاحباط ونعاود مراقبة الساحة السياسية بحماس جديد .
بطل الفيلم!
[post-views]
نشر في: 9 مايو, 2016: 09:01 م