TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "حلاوة" رئيس المصالحة والمساءلة

"حلاوة" رئيس المصالحة والمساءلة

نشر في: 9 مايو, 2016: 06:29 م

لا أعرف السرّ الكامن وراء الإصرار المتواصل للبعض من مسؤولي الدولة، وربما أكثرهم، على التعامل معنا، على صعيد المعلومات، بمثل ما يتعامل به اللئام مع الأيتام إذ يُثقلون على على موائدهم بالوفير من أطايب الطعام والشراب ولا يمنحون الأيتام الجياع غير حقّ النظر، بحسرة وألم.
كان رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، على سبيل المثال، يكرّر القول بأن بين يديه ملفّات خطيرة تدين زعامات سياسية بالفساد أو بالإرهاب، لكنّه  ظلّ ممتنعاً عن فتح تلك الملفّات، بذريعة أنها تُزلزل عرش العملية السياسية وتقلب عاليها سافلها.
والحقّ يقال إنّ هذا لم يكن ماركة مسجّلة باسم السيد المالكي. معظم كبار المسؤولين في الدولة وفي القوى السياسية المتنفذة اختاروا هم أيضاً أن يتحدثوا من آن إلى آخر عن ملفّات من هذا النوع، مهدّدين مباشرة أو مداورة بالكشف عنها، أو مستخدمين إيّاها للابتزاز.
أمس تحدّث رئيس لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة النيابيّة، النائب هشام السهيل، عن استيلاء سياسيين " مشاركين أقوياء" في العملية السياسية، على أملاك مسجّلة باسم نظام صدام خارج البلاد، لافتاً إلى "وجود أيدٍ خفيّة عراقيّة" تعمل لعدم استعادة الأموال العراقيّة في الخارج. (السومرية نيوز).
هذه ليست المرّة الأُولى التي يقول فيها السيد السهيل هذا الكلام، ففي 25 كانون الثاني الماضي أعلن عن قيام مسؤولين في الدولة "ببيع" أملاك مسؤولي النظام السابق بأسعار رخيصة. وقبل ذلك بخمسة أشهر (20 آب من العام الماضي) كان قد تحدث عن "توجّه مجلس النواب لتشريع قانون يُعيد النظر ببيع أملاك أزلام النظام السابق"، مبيناً أنّ بعض هذه الأملاك قد بيع  على وفق طرق الابتزاز أو استغلال اسم الدولة.
هذا الكلام، بطبيعة الحال، مهمّ، لكنه في صورته الحالية لا نفع فيه ولا قيمة له، فالمشاركون الأقوياء في العملية السياسية الذين استحوذوا على أملاك النظام السابق (هي في الواقع أملاك الشعب العراقي) لديهم أسماء وعناوين سكن ومناصب في البرلمان والحكومة والقضاء والهيئات "المستقلّة" والأحزاب الحاكمة والميليشيات المساندة.
القول بوجود أملاك وأموال عامة داخل البلاد وخارجها مستولى عليها من أفراد أو جماعات، ليس بالمعلومة الجديدة.. إنها معروفة للكثير من العراقيين، وربما لجميعهم، منذ أكثر من عشر سنين. والقول بأن المستولين على هذه الأملاك والأموال هم "مشاركون أقوياء" في العملية السياسية، ليس بالمعلومة الجديدة أيضاً .. العراقيون يعرفون هذا، بل يعرفون أنّ هؤلاء "الأقوياء" ينتمون إلى الأحزاب الحاكمة، وبخاصة الإسلامية، كحزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي ومنظمة بدر وحزب الفضيلة والتيار الصدري والحزب الإسلامي، وسواهم.
لماذا يتجشّم النائب السهيل عناء التصريح، كلّ أربعة أشهر أو خمسة، بمعلومات معروفة للقاصي والداني من العراقيين؟ .. ما الذي يُمسك بلسانه فلا يكشف عن أسماء المستحوذين على هذه الأملاك والأموال وعناوينهم ومناصبهم؟
 العراقيّون ليسوا في حاجة إلى أن يعمل لهم رئيس لجنة المصالحة والمساءلة والعدالة النيابيّة "حلاوة في قدر مثقوب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. د عادل على

    الظاهر ان السيد رئيس الوزراء السابق لم يبق له اى عتاد ليستعمله فى حربه ضد الجميع-السؤال الاول للمالكى هو --لمادا لم تكشف عن اوراقك هده فى ايام حكمك والقوة بيدك وتستطيع ان تحارب بها المفسد والفاسد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟او هل ان هدا للدعاية الانتخابيه القادمه؟؟؟

  2. بغداد

    أستاذ علي حسين كما هو معلوم للقاصي والداني ان مجرم الحرب بول بريمر هو اول من نصب زعماء العصابات للأحزاب الأسلامية ( الاسلامودموية الحرامية) في هذه المناصب وشرع لهم شريعة الغاب شريعة اللغف والنهب المنظم بغير رقابة ولا استقصاء ثم بعدها ضاع الحساب لهؤلاء روؤ

  3. د عادل على

    الظاهر ان السيد رئيس الوزراء السابق لم يبق له اى عتاد ليستعمله فى حربه ضد الجميع-السؤال الاول للمالكى هو --لمادا لم تكشف عن اوراقك هده فى ايام حكمك والقوة بيدك وتستطيع ان تحارب بها المفسد والفاسد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟او هل ان هدا للدعاية الانتخابيه القادمه؟؟؟

  4. بغداد

    أستاذ علي حسين كما هو معلوم للقاصي والداني ان مجرم الحرب بول بريمر هو اول من نصب زعماء العصابات للأحزاب الأسلامية ( الاسلامودموية الحرامية) في هذه المناصب وشرع لهم شريعة الغاب شريعة اللغف والنهب المنظم بغير رقابة ولا استقصاء ثم بعدها ضاع الحساب لهؤلاء روؤ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram