البنك الدولي ابدى استعداده لمساعدة الحكومة العراقية بقرض مقدارة 15 مليار دولار ، على ان يتم تسديده بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ منح القرض ، لكنه اشترط ضمان استقرار الاوضاع الامنية والسياسية وتجاوز الازمة الحالية ، فضلا عن توفير بيئة مناسبة لعمل مؤسسات الدولة .
منتصف الشهر الجاري سيتوجه وفد حكومي الى العاصمة الاردنية عمان، وحتى حلول الموعد "ألف عمامة" تنقلب كما يقول العراقيون ، لتضمن الحكومة الحصول على القرض لتبدأ بتنفيذ برامجها التنموية ، فضلا عن اعادة اعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش ، ولكن السؤال هل تستطيع القوى السياسية التوصل الى حلحلة الأزمة الحالية باعتماد شعار بالمال ولا بالعيال لحسم خلافاتها ، لتعكس صورة ايجابية ناصعة للبنك الدولي ، تجعله يقتنع بان الاوضاع في العراق اصبحت نسخة طبق الاصل من سويسرا.
المعروف عن البنك الدولي، انه يعتمد جملة معايير في منح القروض في مقدمتها قناعته بحرص الحكومات على مكافحة الفساد ، وصرف الاموال على مشاريع استثمارية لتنمية الاقتصاد ، وليس لاغراض الانفاق الحكومي بشراء سيارات بموديلات حديثة توزع بين كبار المسؤولين والقادة الامنيين ، وتغطية نفقات عقد مؤتمرات المصالحة الوطنية ، ورعاية مجالس الاسناد العشائرية .
العراق في سنوات سابقة في ظل ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية لم يحسن استخدام موارده المالية في تنفيذ مشاريع استثمارية ، تبددت مليارات الدولارات ، فيما تضاعفت اعداد القابعين تحت خط الفقر ، فاضطرت الحكومة الحالية الى مناشدة الدول المانحة لمساعدتها في توفير مواد اغاثية وغذائية لملايين النازحين ، تركوا مناطق سكنهم في المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، منتظرين رحمة الله للعودة الى منازلهم .
الحكومة الحالية قد تضطر الى رفع اسعار الوقود ، وفرض المزيد من الضرائب والرسوم لتضمن الحصول على قرض البنك الدولي ، والمبلغ لا يعادل ماسرقه مسؤولون سابقون من المال العام خلال سنوات سابقة ثم غادروا البلاد معززين مكرمين ، عجز حتى الانتربول من ملاحقتهم وتقديمهم للقضاء .
على وفق مبدأ المال مقابل حل الازمة السياسية الراهنة ، لابد ان تستجيب القوى السياسية لشروط البنك المركزي ، لتحقق منجزا تاريخيا ، يتلخص بحصول العراق على 15 مليار دولار فالقرش الابيض ينفع في اليوم الاسود ، جراء تناسل الازمات حتى اصبحت خارج السيطرة ، خيارات الحل تتطلب تنازل الاطراف عن مواقفها المتشددة خدمة للمصالح الوطنية ، وشروط البنك الدولي .
يقال في القاموس الشعبي العراقي، ان همة الرجال تهد الجبال ، في ضوء هذا القول الشائع سيصل "رجال الدولة" الى توافق لحلحلة الازمة استجابة لوحي البنك المركزي ، وفي ساعة رحمانية ترضخ القلوب لنداء المشاعر الوطنية ، من دون توقيع وثيقة شرف جديدة ، اجعلوها بالمال وليس بالعيال، وانقذوا شعبكم من الانقراض .
الأزمة.. بالمال ولا بالعيال
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2016: 09:01 م