أقامت منظمة البصرة للثقافة حفلا خاصاً باسبوع المرور،كرّمت من خلاله عدداً من منتسبي المديرية، جرى فيه تذكر للموظف الأول الذي ذهب لوظيفته بعد سقوط النظام، ذلك هو رجل المرور، تحدث فيه (صادق العلي) رئيس المنظمة عن دور هذا الجندي المجهول وما بذله من متاعب، وما تعرضت له حياته من مخاطر، لا، بل وكان البعض من المعاقين في أنفسهم ووطنتيهم يسخرون منه، وهو يقوم بتادية واجبه الانساني النبيل.
ولا نريد أن نجعل من مادتنا هذه إعلانا لمنظمة البصرة للثقافة، لكننا نريد أن نؤشر قضية مفادها أن الشأن الثقافي يمكن أن يُدار عبر مؤسسات مدنية، لا تعتمد على مال الدولة أو موظفيها، وواضح ما تقوم به مؤسسة "المدى" على سبيل المثال، من جهد كبير، وهو جهد عابر لجهود وزارة الثقافة بأكملها.
وأشار عميد المنظمة (العلي) إلى جملة من الفعاليات والانشطة الثقافية التي أقامتها منظمته خلال سنة ونصف من تأسيسها، متوقفاً عند قيام المنظمة بتكريم عدد من الأدباء والفنانين والحضور المتميز في الساحة الثقافية البصرية، حيث اختتمت عامها الماضي بحفل تكريم الكاتب الكبير محمد خضير بقلادة صادق العلي للإبداع، وهي من الذهب الخالص، وهو حفل خضره كبار الأدباء والفنانين في العراق، في تقريظ للقيمة الثقافية الكبيرة التي تتمتع بها البصرة، المدينة التي عُرفت وعلى مر العصور بانها خزانة اللغة والأدب والفكر والفلسفة والفنون.
ويبدو أن طموح منظمة البصرة للثقافة لن يقتصر على البصرة، فقد اعلنت عن برنامج جديد الهدف منه تحريك الواقع الثقافي، شبه الميت في العراق، حيث ستنطلق يوم السابع عشر من شهر أيار الجاري، وعلى قاعة المسرح الوطني، ببغداد العاصمة فعاليات الدورة الاولى "لمهرجان صادق العلي للافلام الروائية الطويلة"، الذي سيقام بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة، وهو أول مهرجان عربي اقليمي للفيلم الروائي بمشاركة عدد من الدول العربية والأجنبية ( مصر، سوريا، لبنان، تونس، العراق وإيران).
من خلال ذلك سنكون بحاجة ماسة لكي نهمس في إذن المسؤولين المحليين في البصرة، فنقول لهم: إنكم مقصرون بحقنا نحن الثقافة ومعشر المثقفين، ذلك لأنكم لم تفعلوا ما يتوجب عليكم فعله للثقافة في المدينة، إّذ من غير المعقول أن تسمّي جامعة الدول العربية (البصرة عاصمة للثقافة العربية لعام 2018) وأنتم لا تعلمون، أو تعلمون ولا تفعلون لها شيئاً. ونسأل مستبقين الحدث الكبير هذا، تُرى أية عاصمة للثقافة سترى الوفود العربية الكبيرة التي ستأتي؟ ثم أين المعالم الثقافية فيها؟ أين وضَعنا ماضي المدينة العريقة؟ أين النصب والتماثيل التي ستنفاخر بمشاهدتها معهم؟ أين المتاحف وأين المسارح وأين القاعات وأين دور السينما وأين صالات العروض؟ أنأخذهم الى تقاطع الجزائر لكي نريهم عدد الزيران والجرار الفخارية التي نصبناها هناك ام نأخذهم الى ساحة أم البروم لكي نشاهد معهم خرائبها وعشوائياتها؟ أنأخذهم الى أبي الخصيب لكي نريهم عدد النخلات التي ظلت في بساتينها، عدد الأنهار التي لم تُردم بعد؟ ولم تتحول الى مكبات للنفايات؟ وبما سنجيب إذا سألنا أحدهم عن غابة النخل التي تغنى بها شاعر المدينة الكبير بدر شاكر السياب حين قال ( عيناكِ غابتا نخيل ساعة السحر..) أجزم، بأننا لن نأخذهم الى حقول الرميلة النفطية لكي نريهم عدد الشركات فيها .
ما لم تقم الثقافة بتفعيل وجودها في المجتمع من خلال مشاهد الجمال التي من معانيها الطمأنينة والسلام، وترسيخ المعاني النبيلة للحياة وجذب الناس لسماع الشعر والموسيقى التي تتغنى بالوجود وعظمة الانسان فيه، ما لم نجعل من حدائقنا العامة وشوارعنا وتقاطعاتنا وواجهات منازلنا والمباني الرسمية وآثارنا من أضرحة وقصور وجسور وقناطر قبلة للناظر والمستمع لا يمكن ان نتحدث عن الثقافة. هي دعوة نوجهها لمحافظ البصرة واعضاء مجلس المحافظة لمراجعة خططهم كسياسيين.
وبما يشبه الشماتة نقول لهم: تذكروا بأن هنري الثامن رحل وظل شكسبير، ورحل هتلر وظل نيتشه، ورحل ديغول وظل سارتر، ورحل ستالين وظل تولستوي ودستوفسكي، ورحل عبد الناصر وظل نجيب محفوظ وفاتن حمامة ورحل الكثير من زعماء العراق وظل الجواهري والسياب خالدين.
منظمة البصرة للثقافة
[post-views]
نشر في: 14 مايو, 2016: 09:01 م