هل هي محض صدفة عمياء أن يبلغ الإرهاب مستوى الجحيم كلما احتدم الخلاف السياسي والصراع الطائفي والمنافسة والمناكفة الحزبية بين أقطاب العملية السياسية، كما هو حاصل هذه الأيام؟
لماذا يتراجع عدد عمليات التفجير الإرهابية إلى اثنتين أو ثلاثة في الشهر في البلاد كلها وقت التوافق والتواطؤ بين هؤلاء الأقطاب؟ ولماذا تنفتح أبواب جهنم على العراقيين ثلاث مرات أو أكثر في اليوم الواحد في المدينة الواحدة في أيام الشدّة بين الأقطاب أنفسهم؟
هل تنطوي هذه الأسئلة على الاتّهام المبطّن لقوى العملية السياسية المتصارعة على السلطة والنفوذ والمال بأنها تقف، مباشرة أو مداورة، وراء العمليات الإرهابية أو بعضها في الأقل؟ .. لا يمكن نكران هذا. بل إن مواقع التواصل الاجتماعي تذهب إلى أبعد من الاتهام الموارب، فالكثير من "البوستجية" في موقع "فيسبوك" ومن المغرّدين عبر "تويتر"، فضلاً عن سعاة البريد الإلكتروني، لم يترددوا في توجيه اتهامات صريحة لهذه القوى بأنها المخطّطة والمنفّذه لهذه العمليات في إطار تصفية الحسابات في ما بينها، ليدفع ضريبة الدم الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في صراع الضواري السياسية.
وماذا عن تبنّي داعش هذه العمليات؟ .. هذا التبنّي ليس بالضرورة دليلاًّ قاطعاً على أن التنظيم هو بالفعل المسؤول عن هذه العمليات كلّها، فلماذا يرفض تنظيم إرهابي مثل داعش أن تأتيه الهدايا التي يُحبّ (عمليات تفجير إرهابية) على طبق من ذهب؟
كثيراً ما حدث، في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أن تبنّت منظمات فلسطينية عدة عملية فدائية واحدة ضد إسرائيل. ولأنّ أحداً لم يكن في وسعه إثبات عائدية العملية له على نحو باتّ، فإن ادّعاء العائدية يظلّ خارج نطاق التفنيد. وهنا أيضاً حدث منذ سنوات أن تنازعت تنظيمات "المقاومة" المسؤولية عن هجمات مسلحة ضد القوات الأميركية والعراقية على السواء.
حتى لو لم يكن في غير محله الظنّ بأن للقوى السياسية المتنفّذة في السلطة يداً في التفجيرات الإرهابية، فإنّ عاصفة الاتّهام الموجّه إلى هذه القوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي المقاهي والمنتديات ووسائط النقل، تستند إلى منطق مفاده أنّ العمليات الإرهابية ما كان لها أنْ تقع لو لم يكن المخطّطون والمنفّذون هم من "أهل البيت"، أي أنهم موجودون داخل الأحياء والمناطق المُستهدفة ولم يأتوا من خارجها، أو في الأقل هم وجدوا من يُسهّل لهم ولمتفجراتهم الدخول إليها.
وعلى افتراض أنَّ هذه الاتّهامات جائرة في حقّ قوى السلطة، فالسلوك غير السوي في الإدارة والحكم لهذه القوى على مدى ثلاث عشرة سنة، وبالذات على صعيد المحاصصة والفساد الإداري والمالي، هو الذي يُتيح لداعش حريّة العمل داخل المدن، مثلما أتاح له اجتياح ثلث مساحة البلاد في بضعة أيام وليالٍ من دون مقاومة من جيش أو شرطة أو ميليشيات، والبقاء في معظمها لما يقارب السنتين حتى الآن.
الاتّهام متّسع النطاق لقوى السلطة بتدبير عمليات التفجير الإرهابية، أو بعضها، يعكس في الواقع طعناً مباشراً في وطنية هذه القوى. وهو طعنٌ في محلّه، فعلى المحكّ لم يظهر يوماً أنَّ للهوية الوطنية موقعاً في منزلة الهويّة المذهبية أو القومية أو الحزبية أو القبلية لدى هذه القوى وزعمائها.
مَنْ يقتلُ العراقيين؟
[post-views]
نشر في: 14 مايو, 2016: 06:06 م
جميع التعليقات 2
محمد سعيد
نامل من كاتبنا القدير ان لا ينحدر في ترديد متاهات الحفنه المتسلطه,خصوصا مفرده العمليه السياسيه البائسه ,حيث في عراق ما بعد الغزو والاحتلال لاتوجد سياسه بالعرف الحقيقي , بل تم ممارسه دعاره سياسيه بامتياز و بسبق الاصرار والترصد , حينما تم
محمد سعيد
نامل من كاتبنا القدير ان لا ينحدر في ترديد متاهات الحفنه المتسلطه,خصوصا مفرده العمليه السياسيه البائسه ,حيث في عراق ما بعد الغزو والاحتلال لاتوجد سياسه بالعرف الحقيقي , بل تم ممارسه دعاره سياسيه بامتياز و بسبق الاصرار والترصد , حينما تم