على مقربة من سكنهم ، ثمة محل لبيع المواد الغذائية او ما يعرف الآن بالأسواق التي انتشرت مؤخرا في كل أرجاء المناطق السكنية، خطا نحوه بضع خطوات تلبية لرغبة أصغر أبنائه "همام" لشراء الآيس كريم، في الأسواق اكثـر من براد "ثلاجة" يحمل ماركات أنواع معينة من

على مقربة من سكنهم ، ثمة محل لبيع المواد الغذائية او ما يعرف الآن بالأسواق التي انتشرت مؤخرا في كل أرجاء المناطق السكنية، خطا نحوه بضع خطوات تلبية لرغبة أصغر أبنائه "همام" لشراء الآيس كريم، في الأسواق اكثـر من براد "ثلاجة" يحمل ماركات أنواع معينة من المشروبات الغازية ومجمدتين إحداهما للمواد الغذائية المجمدة "لحوم ودجاج" وما شابه وأخرى مخصصة للآيس كريم، فتح الأخيرة التي صُفت فيها انواع عدة من المثلجات وبأسعار مختلفة ، تشير علامة الصنع الى تركيا / ايران/ الكويت/ الإمارات.

بالتالي اضطر لشراء إحداها تلبية لرغبة ولده. أبو همام تساءل عن سر غياب الصناعة العراقية التي عرفت بجودتها ولمَ هذا الإسراف في الاستيراد، لكنه كأي سائل عراقي اخر لايجد الجواب الشافي.
صاحب الأسواق هو الآخر تساءل عن سر غياب صناعة المثلجات العراقية سواء لدى القطاع العام او الخاص، ولماذا اكتفى الأخير بالمحال التي تبيع المثلجات المنوعة دون الانتباه الى انشاء معامل كبيرة او متوسطة تكون كفيلة بتغطية حاجة السوق والعائلة العراقية التي لايستغني الكثير منها عن المثلجات.
إعلان قديم نشر في إحدى الصحف يشير الى تاريخ انتاج وبيع الموطا في العراق بترخيص من شركة ”motta”الايطالية للآيس كريم والأغذية المجمدة. الشركة أُممت عام ١٩٦٤ بقرارات تأميم البنوك والشركات الخاصة، عملت لفترة لحين نفاد مواد الانتاج ، كان المدير المفوض للشركة هو (سليم مكي) ابن الوجيه البغدادي والتاجر المعروف مكي الدروبي. قبل ذلك افتتح اول معمل للمرطبات ملحق بمعمل الثلج في الكرخ بمحلة (التكارتة) لصاحبه الحاج المرحوم (سلمان الجبوري). وبما ان المنطقة اصغر من ان تستهلك مرطبات المعمل آنذاك الأمر الذي دفع الجبوري الى ان يسوق المنتج خارج منطقته من خلال عربات خشبية جوالة في مناطق الكرخ الرئيسية.
لم يكن "أبو همام" على اطلاع بنوعية المثلجات المتوفرة في الاسواق اذ كان يحرص على شراء علبة تكفي العائلة من محال بيع المثلجات المعروفة في بغداد رغم ارتفاع أسعارها، إلا أن جاره "أبا ليث" عليم بنوعية المثلجات خاصة المستوردة اذ سبق له وان عمل في محل لبيعها بالجملة مبيناً: ان العراق يستورد كميات كبيرة من المثلجات وبمختلف الأنواع والأحجام من كل دول الجوار. منوها الى: غياب المثلجات السورية التي عرفت بجودتها بسبب الأحداث القائمة هناك.
 وعن سر غياب الصناعة العراقية أجاب أبو ليث : انا ايضا مستغرب من سبب ذلك . لكنه استدرك ان رب العمل الذي يعمل معه كان بنيّته فتح معمل وحين شرع بذلك وجد ان كلفته عالية نوعا ما وبصعوبة الإجراءات وتكلفة المواد الاساسية والبحث عن "أسطوات" عمل وبقية التفاصيل ليعمل بمشورة احد أقربائه المسؤولين بأن الاستيراد اسهل وأسرع للربح. لافتا: ان أرباح المثلجات كبيرة لكنها تمثل هدراً للمال العراقي.
الأزبري، على العودة ، اللكي ستك، الموطا، الآيس كريم، كل هذه الأسماء تشير الى المثلجات التي يتداولها الناس منذ ذلك الحين والى الآن ولابد من مختصر لهذه التحلية لمكانتها وخاصة في صيف بغداد اللاهب. كانت هذه المثلجات قديمة في بغداد ، دخلت مع دخول معامل الثلج اليها وكانت تصنع يدويا بواسطة أوانٍ من النحاس المطلي وتوضع في نصف برميل خشبي وتحاط بالثلج والملح الخشن لكي تحافظ على برودتها ثم يوضع السائل داخل الوعاء وتتم عملية التدوير يدويا إلى أن يتجمد السائل ويقدم للأكل، والسائل مكون من الماء والنكهة والسكر وهو (الأزبري)، أما الحليب والنكهة أو بدون نكهة فيسمى (الدوندرمة). وكلمة ازبري مأخوذه من كلمة (روزبري) الانكليزيه اي التوت البري وهي النكهه المعتاده في هذا النوع ولا تزال مستخدمه لحد الان بالرغم من تنوع الازبري الى نكهات اخرى مثل البرتقال والتفاح والخوخ وغيرها.