يبدو أنّ ما تسمّى بـ "جبهة الإصلاح" البرلمانية تواجه الفشل في أول اختبار لها، فثمّة مؤشرات على أنها يُمكن أن تختزل شعاراتها ومطالبها الإصلاحية في تغيير لا قيمة جوهرية له يتعلق فقط برئاسة مجلس النواب وربما رئيس الوزراء أيضاً، واختيار بدلاء لهم على وفق نظام المحاصصة غير الدستوريّ، و"كأنك يا بو زيد ماغزيت"!
المعلومات المتوفرة تفيد بأن الوفود التي شكّلتها هذه الجبهة تسعى لإقناع الأطراف التي تلتقيها باستبدال هيئة رئاسة البرلمان، والطلب من كتلهم ترشيح بدلاء لهم من الكتل ذاتها. وفي هذا الإطار عُلِمَ أنّ اتحاد القوى مثلاً طرح ثلاثة أسماء ليحلّ واحد منها محلّ الرئيس سليم الجبوري، لكنّ هؤلاء الثلاثة ليسوا بأفضل من الجبوري في واقع الحال، بل إنَّ اثنين منهم، وهما وزيران سابقان، من كبار الفاسدين في الدولة، يُنسَب لأحدهم، على سبيل المثال، القول عندما أبديت له في مجلس خاص ملاحظة بشأن المستوى العالي لفساده: "لن أترك حتى تراب الوزارة لأبيعه"!، فيما الثالث، وهو الآخر غير بريء تماماً من الفساد، سبق أن سجّل فشلاً مدوّياً في مهمة عليا تولّاها.
هذه المعلومات تدعم صدقيتها المذكّرة التي تقدّمت بها "جبهة الإصلاح" إلى رئيس الجمهورية. المذكرة تدعو الرئيس معصوم إلى العمل على عقد جلسة للبرلمان لا تكون برئاسة الجبوري ونائبيه، وإلى الدعوة لتمديد الفصل التشريعي الحالي لاختيار هيئة رئاسة جديدة ومناقشة الملفّ الأمني ومحاسبة المقصّرين.
المعلومات نفسها تفيد بأن الخطوة التالية في تحرّك "جبهة الإصلاح"، بعد إطاحة رئاسة البرلمان، هي تغيير رئيس الوزراء، وقد طلب البعض من التحالف الوطني ودولة القانون ترشيح بديل للعبادي، فكأنما محنة العراق يمكن الخروج منها بمجرد تغيير الجبوري ونائبيه والعبادي.
نعرف أنّ النواب الذين اعتصموا داخل مبنى البرلمان تحت يافطة الإصلاح وشكّلوا جبهتهم، ليسوا جميعاً إصلاحيين، بل إنّ العديد منهم يتعيّن أنْ تجتاحهم مكنسة الإصلاح لفسادهم، بيد أنَّ العناصر الإصلاحية الحقّة بين أعضاء هذه الجبهة مطلوب منهم، وقد حققوا بحركتهم الاعتصامية داخل البرلمان اختراقاً على صعيد عملية الإصلاح التي لا يمكن لها أن تنطلق وأن تتقدم وتترسّخ إلّا بإنهاء نظام المحاصصة.. مطلوب منهم أن يبدأوا عملية إنهاء نظام المحاصصة بعدم القبول بأن يتولّى اتحاد القوى أو غيره ترشيح بديل للرئيس الجبوري، بل أنْ يصرّوا على تطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في البرلمان بأنْ تُتاح لجميع الأعضاء فرصة الترشّح لمناصب هيئة الرئاسة الثلاثة.
نحن الآن عند نقطة فاصلة يمكننا معها أن نشرع بعملية العدّ العكسي لعهد المحاصصة الأغبر. هي ليست بالعملية السهلة، لكنها على أية حال غير مستحيلة. الحركة الإصلاحية في مجلس النواب (أعني بالذات العناصر الإصلاحية الحقّة وليس الفاسدين والمفسدين من راكبي الموجة وأصحاب الغرض) يُمكنها الركون إلى الحركة الاحتجاجية الشعبية المتواصلة منذ نحو عشرة أشهر والاستقواء بها. يتعيّن على الحركة الإصلاحية النيابيّة ألّا تبقى أسيرة مبنى مجلس النواب والمنطقة الخضراء.. يمكنها، بل عليها، أنْ تفتح ممرّاً يؤدي بها إلى ساحة التحرير.
ممرٌّ نيابيٌّ إلى ساحة التحرير
[post-views]
نشر في: 15 مايو, 2016: 06:14 م