TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خيارانِ كلاهما صعب !

خيارانِ كلاهما صعب !

نشر في: 16 مايو, 2016: 06:41 م

لم يكن العراقيون يتصوّرون أنّ تضحياتهم في سبيل الخلاص من دكتاتورية صدام يمكن أن تنتهي إلى دكتاتوريات جديدة، ولم يعتقدوا أنّ العراق الجديد الذي أسقط صنم الطاغية يسعى فيه البعض اليوم وبقوة إلى بناء أصنام جديدة يريدون منّا أن نُسبّح بحمدها ليل نهار، كان الجميع يعتقد أنّ عصر القائد الضرورة قد ولّى إلى غير رجعة ، فإذا نحن اليوم أمام عصر الزعماء الضرورة، أكتب هذه الكلمات وأنا أقرأ افتتاحية  رئيس التحرير ليوم أمس ، التي يُخبرنا  أنّ " الصمت وسط  هذه الخرائب كلّها فضيلة بوصفه احتجاجاً ورفضاً وصبراً على المكاره  وضياع الأمل المرتجى " .
افتتاحية المدى ليوم أمس تجعلنا نتساءل: لماذا يُنبت التغيير في بلدان العالم وروداً للبهجة والإقبال على الحياة ؟ بينما تحوّل في بلادنا إلى سُحُب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول، للأسف الطبقة السياسية في العراق لم يشغلها المستقبل بقدْر انشغالها بالماضي، لقد تحوّلَ العراق إلى غرفة مظلمة يبحث ساستها في داخلها عن شيء اسمه هوية العراق وكأنّ آلاف السنين من الحضارة غير كافية لنعرف هوية البلد، اليوم ننظر في وجوه الناس فنراها شاحبة ومتعبة، مسكونة بتجاعيد الخوف من المستقبل، والسبب سياسيون يمارسون الدجل والخديعة وسرقة أحلام المواطنين، ولكن هل يدفعنا هذا الحال إلى أن نمارس فضيلة الصمت؟  طبعا أنا أتفهّم حجم الضغوط التي يتعرّض لها الكاتب وهو يرى كيف أنّ الأمل بإقامة دولة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، تحوّل إلى دولة مراهقي السياسة!
وأعرف أننا نعيش في عصر لا صوت يعلو  فيه فوق صوت الفساد والإرهاب والمحسوبية والرشوة والانتهازية والفوضى السياسية والأمنية وأخطاء الأحزاب واللاأحزاب .
في هذه اللحظة العصيبة والصعبة، نحن كإعلاميين ومثقفين لدينا مهمة وطنية، أن نكون عقلاً عاملاً يقف بوجه العقول التي تريد أن تُعيد الناس إلى زمن العصور الوسطى ، أن نقدم رؤى للناس. وأن نطرح حلولاً. وأن نُسهم في حالة التفكير العامة.
علينا أن نُعلّم الناس أن تضحياتهم وآلامهم وصبرهم لن تصبح رهينة بيد مجموعة من الانتهازيين والمتسلّقين والقافزين فوق سطح التغيير بمنتهى الخِفّة .
خيار صعب أن يرى الواحد منّا طريق السعادة،وتخذله قدماه في الوصول إليه، ، وفي كلتا الحالتين نحن لسنا سعداء  بما نحن  فيه، وليس أمامنا  إلّا الدعاء على  مَن سرق مِنّا بهجة الفرح  وراحة البال، وأحال أيامنا إلى سلسلة متواصلة من الفواجع، فحرم الكلمات من أن تكون مصدر سعادة   وفرح للناس.
رحِمَ الله عمّنا رشدي العامل الذي قال لنا ذات يوم عصيب : لا تحزن فإنَّ الليلَ قصير، والشمس على موعدها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram