أضاف انقطاع رئيس التحرير عن الكتابة عبئاً جديداّ علينا في هيئة التحرير، إذ لابدّ أن نتابع بالقدر الممكن ما كان يعالج من قضايا وظواهر وإشكاليات تنخر في جسد الدولة التي صارت في كتاباته " الدولة اللا دولة " الفاشلة أيضاً. والإثقال يتجاوز الكتابة اليومية إلى مراعاة حسّاسية اختيار زاوية المعالجة وملامسة الحقيقة، ارتباطاً بمسؤولية هيئة التحرير ما دام كلام اليوم يُنشر باسم "المدى" بصرف النظر عمّن يكتبه من أعضائها.
لكلٍّ منّا أُسلوبه والتعبيرات التي تدل عليه، لكنّ كلام اليوم يُلزمنا بإطارٍ من وحدة الأُسلوب وتجنّب ما يدل على الكاتب. وهذه إشكالية بحدّ ذاتها تقتضي جهداً إضافياً في المقاربة.
" كلام اليوم" إذ يحاول التعبير عن سياسة "المدى" كمؤسسة صحفية، يظل يحمل بحدودٍ بصمة كاتبه، لكنه يظل "مصوناً غير مسؤول" مثل مَلِك العراق الراحل، لأنّ المسؤولية تقع على عاتق رئيس التحرير عمّا يُنشر بغضّ النظر عن توقيع الكاتب . .!
تظلّ الصعوبة في اختيار مادة الكتابة وزاوية المعالجة، فالعراق على امتداده يعاني من مشاكل بعينها قد تتغير من حيث العناوين، بل قد لا تختلف في هذا أيضاً. فهي عناوين لا تخرج عن "همّ" استعادة الأمن والاستقرار بالإجهاز على داعش وتفكيك خلاياه النائمة وتصفية جذوره وأصوله وحواضنه، و"همّ" الخدمات الأساسية التي مَلّ الناس من انتظارها من دون بارقة أمل، والكهرباء صارت مادة للسخرية المُرّة كلما تحدث مسؤول عن ميگواتٍ إضافية ستخفف محنة الصيف اللاهب، وكذلك "همّ" البطالة ، وتوسّع حزام الفقر، وأعباء الأزمة المالية على المواطنين من ذوي الدخل المحدود ومَن هُم تحت خط الفقر. ويظل الـ "همّ" الأكبر في تطويق تمدّد آفة الفساد لا مكافحته، لأنّ ادّعاء تصفية جذوره دون تفكيك منظومة "دولة المحاصصة الطائفية" وإزاحة مرتكزاتها، ضرب من الخيال والوهم المحض .
وحتى لو اهتدينا بيُسرٍ لمادة تصلح لـ "كلام اليوم" ، فالعقبة تظل في تجنّب التكرار، وأهمية تناولها ومقاربتها مع هموم المواطنين وتطلعاتهم لمعالجة أوضاعهم المتدنية على كل مستوى وحال.
الكتابة لا تصطدم بهذه الأولوية فحسب، وإنما بتشخيص الحلقة الرئيسة في سلسلة الأزمات المنفلتة في كل اتجاه وفاقمتها "تعرجات" دعاوى الإصلاح والتغيير، والتجاذبات حولها في كواليس كتل المحاصصة، وفي الشارع الغاضب .
و"كلام اليوم" إذ يبحث عن " شيفرة " فكّ مغاليق السلسلة ، إنما ليتيقّنَ أنّ الإصلاح صار متاحاً، وحلقاتها باتت تتفكّك الواحدة بعد الأُخرى ..
من أيِّ حلقةٍ في سلسلة الأزمات يبدأ الإصلاح ..؟
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2016: 07:16 م