كيف تتهاوى أُسس بناء راسخ وتتصدع أعمدته ليكون نذيراً - لا يقبل الدحض - يُنبئ عن فجائع تُثير أسئلة مصيرية من دون الحظوة بجواب ؟
متى تسقط الحضارات ؟ وكيف ؟
تسقط حين تتخلى النُخب الواعية عن مهامها الأساسية : تقويم إعوجاج ، جبر ما تكسر او هو موشك على الإنكسار ، رأب صدع قبل أن يستفحل ، لا إكتفاء بإشارة من إصبع ، تنديداً او إستنكاراً من دون فعل ناجز يمنع خرقاً او يوقف شططاً .
……
أقرأ ما كتبه الأستاذ فخري كريم يوم الثلاثاء الفائت تحت عنوان ( بين اليأس والإحباط مساحة مضيئة للصمت ): أيهما أجدى الكتابة وقد فقدت كل تأثير أم إلتزام الصمت في زمن إرتقى فيه الفساد إلى مستوى الفضيلة بعد ان تقنّع بالدِّين وتلفع بعباءة المذهب؟ (أُريد ان ألوذ بالصمت ، لعل فيه شفاعة وإيقاعاً خارج سياقات السرب .)
……….
لا .. ما هذه شيمة مغتفرة تبتغي شفاعة ؟! ممن ؟ لمن تشتكي ممن على مَن ؟ والكل متهم يدَّعي البراءة او بريء سيق بالسهو او الشبهة .
……….
يراودني – غالبا - ذات الإحساس المرير ، الممض الوجع بـ (لا جدوى الكتابة في محفل وسيع للصم والبكم وكليلي النظر ). واقتراف فعل الكتابة لا يعدو عبثاً بلا طائل وما نسفحه على الورق من وجيب القلب ، ودمع العين أحياناً ، لا آكثر من كومة قش تتناثر هباءً في اول نشوز للريح او هبوب لعاصفة .
إنها والله لمعضلة حين تكون النخبة مبصرة ، تتصنّع العمى — إتقاءً او تقية — حادة السمع تتظاهر بالصمم — إحتسابا وتحسبا — شديدة الذكاء تتباهى بالعي والغفلة —هرباً او تهرباً .
……… ولكن لا . .. لا لتسخين البؤر الساخنة لمجرد الفرجة او تنفيذ مأرب دنيء ، لا لإشعال النار- في وطن بهي وبين شعب أعزل - كي نورث سيجارة او ننعم بدفء. لا لحصد مغانم على حساب المهجَّرين والفقراء .
لا وألف لا لالتزام الصمت في خضم المعمعة !!
بلاغة الصمت.. عجز الكلمات
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2016: 09:01 م