TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المطالبةُ بالنّظام الرئاسيّ، خطوةٌ أخرى نحو المجهول..

المطالبةُ بالنّظام الرئاسيّ، خطوةٌ أخرى نحو المجهول..

نشر في: 18 مايو, 2016: 06:53 م

شعارات عديدة تُطرح بين فترة وأخرى، يبدو من الوهلة الأولى أنها مجرّد خواطر تسللت على "عواهنها" من دون دراسة أو تمحيصٍ. والكثير من هذه الشعارات رفعها المتظاهرون في ساحة التحرير وسواها في المحافظات. ولا غرابة في رفع مثل هذه الشعارات في تظاهرات مطلبية تعكس أزمات لم تتوفر لها الحلول، يجري التنفيس فيها بالتشدّد حدّ التطرّف أحياناً. لكنّ الأمر يختلف حين تُطلق مثل هذه الشعارات من قيادات الأحزاب والكتل المشاركة في الحكم أو ناشطين في قيادة الحراك المدني.

وبين الشعارات الملتبسة، الدعوة الى النظام الرئاسيّ في عراقٍ متعدد القوميات والطوائف والأعراق والديانات.. عراقٍ منقسم أفقياً وعمودياً، ونسيج المجتمع فيه مزّقته الصراعات على الهويات الفرعية ورفض الآخر وإقصاؤه. وكان مفهوماً رفع هذا الشعار من قبل أنصار السيد نوري المالكي بالتزامن مع رفض ولايته الثالثة، وبعد تنحيته عن موقعه كنائبٍ لرئيس الجمهورية، وكذلك ارتباطاً بمشروع القرار البرلمانيّ بتحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين، وتفاقم أزمة الحكم وفشل حِزَم الإصلاح الحكومي.

لكنْ من غير المفهوم أن لا يتصدّى له أصحاب الخبرة والدراية بطبيعة أنظمة الحكم وبيئة تطبيقها وعلاقتها بالديمقراطية والمستوى المطلوب للتطور والتقدم الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسياسيّ والبنى التشريعية والقانونية والفصل بين السلطات، فالنظام الرئاسيّ يتعارض كليّاً مع دولة غير متجانسة سكانيّاً، تتجاذبها المكوّنات والقوميات والأعراق، وتسودها أغلبية سكانية راجحة لمكوّنٍ بعينه، قومية كانت أو طائفة أو ديناً أو عِرقاً.

وقد يُقال إنَّ العديد من الدول المتطورة في العالم، ومنها الولايات المتحدة وفرنسا، النظام فيها رئاسيّ ومكوّناتها وأعراقها وأديانها وطوائفها شديدة التباين والاختلاف والتنوّع !

ذلك صحيح. والنظام الرئاسيّ في مثل تلك الدول خيارٌ شعبيّ. لكنَّ الفرق الجوهريّ بينها وبين بلدٍ مُغَرقٍ في التخلّف والانقسام والانشداد الى قيم الجاهلية الأولى قاطعٌ يكفي لاعتبار مثل هذا النظام ليس سوى وسيلة لتسلّط أغلبية سكانية على سواها، وفي ظروف العراق إنما هو أداة تكريس دكتاتورية من نوع عالم ثالثيّ !

النظام الرئاسيّ سيكون ملائماً حين تُصبح المواطنة الحرّة الأساس لدولة مدنيّة متطوّرة ديمقراطيّة.

حين يتفوّق الوعي بالمصالح الوطنية العليا على كلّ اعتبارٍ آخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram