"لم يظهر فنان كاريكاتير بمستوى ناجي العلي في العالم منذ قرنين" ، هذا ما قالته لجنة "الريشة الذهبية" في روما، وهي لجنة للاتحاد العالمي للفنانين في تقييمها لأعمال الفنان ناجي العلي أثناء حفل التكريم الذي أقيم له.ان امتلاك الفنان الواعي لأدواته الفنية و
"لم يظهر فنان كاريكاتير بمستوى ناجي العلي في العالم منذ قرنين" ، هذا ما قالته لجنة "الريشة الذهبية" في روما، وهي لجنة للاتحاد العالمي للفنانين في تقييمها لأعمال الفنان ناجي العلي أثناء حفل التكريم الذي أقيم له.
ان امتلاك الفنان الواعي لأدواته الفنية وامتلاكه موهبة التعبير المتميزة والأسلوب المنفرد جعله في موقع يسمح له بتوظيف قدراته الفنية هذه من اجل إبراز موقف سياسي معين، حيث قدم لنا كاريكاتيراً سياسياً بكل ما يعينه هذا الفن من جرأة وتطور في لغة التعبير وصياغة متطورة تنقل الأفكار للمشاهد.
ان المتتبع لمسيرة الكاريكتير العربي يلمس بشكل واضح فقرا في الاساليب وشيوع التقليدية والتمحور حول الفكرة الواحدة والخطوط الواحدة والمعالجات الواحدة..
ان اول ما يميز ناجي العلي هو تلك الحساسية الفكرية المرهفة ومزاجيته في التعامل مع الاحداث اليومية التي القت بظلالها على رسومه واصبحت عالما فريدا من نوعه.. حيث الخطوط البسيطة الصلبة والرقيقة ذات الانحناءات المعبرة ويربط ذلك بمعالجة قريبة التناول تصل احيانا الى محض نكتة يطورها احيانا الى موقف لاذع.
يعمد الفنان في الكثير من لوحاته الى التقليل من الكلام والتعليق فالكلمة لدى الفنان ليست عنصرا اضافيا يشترطه لملء الفراغ الخلفي.. بل ان الكلمة لديه عنصر مكون للمحتوى موظفة لتكون اساسا من اساسيات اللوحة.. حيث يستنزف وجودها الكثير من فنية اللوحة . ولعل هذا ما يفسر ان لوحاته التي تخلو من التعليق بسبب تلك القوة النابضة بين الخطوات تتميز بجمالية عالية.
ونراه احيانا يكتفي بكلمة واحدة يختار موقعها عن دراية ودراسة وفهم خلاق للعلاقة الحميمة مع المتلقي.. حيث يمتلك هذا الفنان قدرة متميزة في الاخذ بيد المتلقي للتركيز على الجانب المهم في اللوحة التي يطمح ان يركز عليها، ان هذا يأتي من اختياره لتقديم مكونات اللوحة.
ومن هنا تأتي التفاصيل الاخرى التي تميز اسلوب ناجي العلي من حيث استغنائه عن الزوائد والاضافات التي تشترك بمظاهرة الفكرة التي يطمح ان يوحي بها تصل احيانا حد الاستغناء عن خط او اشارة لا مبرر لها، حيث نراه يركز في لوحاته على الوشائج القوية التي تربط مكونات اللوحة التي تفصح عنها تلك العلاقة بين مختلف اشخاص الرسم واشيائه.
اللونان الاسود والابيض بما يحملانه من تضاد ظاهرة وتناقض شكلي، هما عند ناجي العلي ذوا دلالات اخرى وتجانس غريب حيث يكمل احدهما الاخر بتلقائية ينفرد بها الفنان، فاللون الاسود الذي يسكب ليغطي خلفية اللوحة كلها لم يسكب عبثا، خاصة اذا ما تتبعنا مضمون الاشكال الاخرى الموزعة في اللوحة حيث تتوضح بشكل جلي العلاقة الخفية بينهما.
تتميز اعمال الفنان ناجي العلي بالشخصيات التي تزدحم بها رسوماته ولعل ابرزها شخصية حنظلة، وثبات هذه الشخصية في اغلب لوحاته مشاهد على ما يدور امامه من احداث.. ورغم سلبية هذه الشخصية التي تتجلى لنا للوهلة الاولى من خلال وقفته اللامبالية ويديه المعقوفتين وراء ظهره ورأسه المطاط الا ان ايجابيتها تتوضح من خلال تجاهله لما يدور امامه بشكل ايجابي. فضلا عن هذه الشخصية هناك شخصية الانهزامي (المسخ) المتخم حد التكور دلالة على ارادته المسلوبة، وشخصية المسحوق النحيل الجسم لكنه ذو ارادة قوية يومض في عينيه الشموخ.. وهناك ايضا شخصية المرأة التي غالبا ما تكون فاطمة التي ترمز الى الوطن، الارض، الام بعينيها الواسعتين ووجهها المتألق رغم الشحوب البادي عليه.