الاحزاب والقوى السياسية العراقية جميعها بلا استثناء المشاركة في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ،تركت انطباعا سيئا لدى شريحة واسعة من المجتمع ، لم تستطع تحسين صورتها البشعة المنطبعة في اذهان من اصيب بخيبة أمل كبيرة ، ثم ابدى اسفه لمشاركته في عملية التصويت لصالح قوائم انتخابية رفعت شعارات براقة ثم سرعان ما تخلت عنها ، لتنشغل بالحفاظ والدفاع المستميت عن مصالحها ، ضربت رغبة العراقيين في ارساء قواعد بناء دولة مؤسسات تحقق العدالة الاجتماعية ، تقضي على كل مظاهر الفقر والحرمان المتوارث منذ اكثر من نصف قرن .
الـ "حزب خانة " بالوصف المحلي المتداول ، وفر لمعظم اتباعه من انصار ومؤيدين فرص عمل في الوزارات الخاضعة لسيطرته ، جعل عناصر ميليشياته يحملون رتبا عسكرية عالية تقديرا لخدمتهم الجهادية في مرحلة مقارعة النظام الديكتاتوري ، اما القياديون في الـ"حزب خانة" فتمتعوا بامتيازات لم تخطر في الاحلام ، مناصب عليا في الحكومة مع جوازات سفر دبلوماسية ، اولوية في اداء فريضة الحج لأكثر من مرة ، هويات دخول المنطقة الخضراء بموكب مدرع من سيارات الدفع الرباعي مزودة بمنظومة اطلاق اصوات التنبيه اثناء مرورها في الشوارع العامة ، رقم تلفون فاتورة ، دفع نفقات العلاج في الخارج حتى الدرجة الثالثة من الاقارب. كل هذه الامتيازات شجعت الرفاق الجدد على اجراء تحسينات على المستوى الشخصي باختيار زوجة ثانية او ثالثة مع ضمان حقوق الاولى ام العيال واقامتها في شقة فاخرة في دولة اوربية .
تداعيات الازمة المالية القت بظلالها القاتمة على الاحزاب والقوى العاملة في الساحة العراقية. الشلل اصاب نشاط لجانها الاقتصادية ، القيادة الحكيمة فقدت امكانية الحصول على عقود لتنفيذ مشاريع استثمارية ، تبديد الموارد المالية طيلة السنوات الماضية سيجعل عشرات الاحزاب على اختلاف مستوى نفوذها وهيمنتها على الوزارات تعلن افلاسها بعد تطبيق شروط البنك الدولي الصارمة لبيان اوجه صرف قروضه الممنوحة للحكومة الحالية .
على قاعدة رب ضارة نافعة ، الازمة المالية ستجبر الحكومة على اعتماد الشفافية في تنفيذ شروط البنك الدولي ، ستتابع حركة الدولار الواحد بتفعيل دور الاجهزة الرقابية ، ستتخلص من نفوذ الاحزاب في الحصول على مقاولات وعمولات توقيع العقود. بعد اشهر قليلة من الرقابة الصارمة ستتحول الاحزاب الى دكاكين تشغل عقارات الدولة ، ستكون عاجزة عن تغطية نفقات حملتها الدعائية خلال الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة ، لا خيار امامها الا بيع مقراتها بالباطن لعلها تستطيع ان تحقق استحقاقا انتخابيا يؤهلها لشغل حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة .
في ستينيات القرن الماضي تحرك احد الرفاق نحو صاحب مقهى في الكرخ لمفاتحة الاخير بالانضمام الى تنظيم سياسي ، لم يتحدث الرفيق عن الافكار والاهداف ، بل قال بالحرف الواحد ان الانتماء الى الحزب سيضاعف عدد رواد "الجايخانة " من الرفاق عشاق لعبة الدومينو بأنواعها العدلة والآزنيف والطيرة ...
ودمتم للنضال .
"حزب خانة" للبيع
[post-views]
نشر في: 23 مايو, 2016: 09:01 م