نحن علمانيو العراق أو ما يُطلق على كل خارج عن الأحزاب الدينية. أقول نحن ضحية من ضحايا الإسلام السياسي، يُصنّفنا الشيعة بالقياس الى انتمائنا الاجتماعي ومنحدرنا المذهبي، مثلما يُصنّفنا السنَّة بالقياس الى منحدرنا المذهبي أو انتمائنا المناطقي، وبين الانتماءين البعيدين عنّا، بُعد الأرض عن السماء، لم يدع هؤلاء لنا فسحة للتعبيرعن وطنيتنا وعلمانيتنا. وقد كانت واقعة احتساب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، حميد مجيد موسى على أنه شيعي من الحلة أيام مجلس الحكم، واحدة من سخافات التصنيف ذاك، إذ من غير المعقول مصادرة مواقفنا على النحو السيء هذا!
كثيراً ما يلجأ بعض ألأصدقاء معي على الفيس بوك، الى محادثتي، على الخاص، كل حسب تصوّره عن انتمائي، فالبعض يعتقد بأنني سنيٌّ من أبي الخصيب، فيما يعتقد الآخر بأني شيعيٌّ من البصرة، ولا أعرف كيف اهتدى هؤلاء الى إدخالي مُكرها في الخانة هذه أو تلك. ولكي أنأى بنفسي عن الشُبهتين، أعلن للجميع فأقول: أنا رجل بلا دين، ولا مذهب، ولا طائفة، ولا عشيرة حتى. كنت شيوعياً حتى عام 1978 أما اليوم فلا علاقة لي بالحزب، اللهم إلا من صداقات قديمة، جديدة. أنا عراقي بصري، خصيبيٌّ بامتياز، أُدين بدين حبّي للعراق واتمذهب بمذهب الإنسانية، حيث وجدت، أدعو لتفعيل قيم الجمال بين الناس، أحب وأنشد السلام والطمأنينة للعراقيين كافة، أرى في الأديان والمذاهب والطوائف التضييق والقتل والنفي والكراهية، ولا أحبُّ الأحزاب القومية والدينية، وعندي يقين قاطع بأن الانسان يستطيع أن يحيا حراً كريماً آمناً دونما دين وطائفة وعِرق.
أسوق هذه وأنا سعيد، مسرور بما تحقق ويتحقق على أيدي المقاتلين العراقيين من نصر على الارهاب وداعش في الرمادي والفلوجة، وستبلغ سعادتي مداها الأبعد والأبعد ساعة تحرير الموصل وسوريا والعراق وليبيا واليمن من هؤلاء الوحوش، ولا أعتقد بأن عراقيا عربيا لا يتمنى ذلك. فاجأني أحد الأصدقاء بمخاوفه من انتصار المقاتلين العراقيين في الفلوجة، في اعتقاد وتصور أتمنى ان يكونا خاطئين، مفادهما أن الحشد الشعبي، المدعوم من إيران سيرتكب جرائم بحق السكان هناك، وهو تصوّر لم تُثبت الوقائع صحته حتى اللحظة، وبحسب علمنا جميعا فإن لا خيار للسكان بين التحرير من قبضة داعش والبقاء فيها، الذي أصاب الناس هناك لا يمكن تحمّله، ولا تملك الحكومة خياراً آخر غير الحرب. نعم، وجود إيران والايرانيين والعراقيين الذين يعملون تحت رايتهم مشكلة ويُعقِّد المشهد، لكن ما العمل إذا كان الانتصار على داعش لا يتحقق إلا بتدخلهم؟ أدفع رقبتي ثمناً لكل مَن يمتلك حلولا أخرى.
ربما يجد البعض من الأصدقاء لا صحة للمقارنة بين دور كبار الضباط والجنود من سكان الموصل والرمادي والفلوجة في تحرير الفاو من إحتلال الإيرانيين وبين ما يقوم به كبار الضباط والجنود من سكان البصرة والعمارة والناصرية وكربلاء والديوانية في عملية تحرير الفلوجة والموصل من داعش والأفغان والسعودية، في إشارة الى أن الجيش العراقي كان يوم ذاك موحّداً وغير طائفي، لكنني أشير الى هؤلاء، مذكّراً إياهم بأن الحقيقة تقول: كان الجيش العراقي آنذاك جيشاً عقائدياً، بعثياً بمسحة قيادية طائفية، غير معلنة، ومَن يقول بغير ذلك فقد جانب الصواب وأنكر الحقيقة، لكن وبمعادلة مقلوبة نقول: ماذا سيفعل ابناء الغربية والموصل والرمادي والفلوجة، أخص الغيارى والوطنيين منهم لا المنتمين الى القاعدة وداعش والحزب الإسلامي، لو أن مدينة البصرة كانت قد أُحتلت من قبل إيران وعملت فيها ما تعمله داعش هناك، ترى ماذا سيكون موقفهم منها، أيشمتون، أيصمتون، أيتشفون...أم يهبّون مدافعين مقاتلين ؟
يا أهلنا ويا أبناء وطننا الحبيب، المحنة أكبر من تقاطعاتنا وخصوماتنا الطائفية والمذهبية، أكبر من تصوري عنك وتصورك عني، أكبر من وقوفك مع الجانب هذا ووقوفي مع الجانب ذاك، إذ لا وقت لمثل هذه وتلك، فلنعمل جميعا، على دحر داعش وإعادة بناء وطننا كما يجب أن تُبنى عليه الأوطان. يا أخي إترك دينك وطائفتك ومذهبك في البيت، هي خاصتك، وتعال لي، ضمني الى قلبك، فأنت القطعة الأخيرة في قلبي، ذاك الذي قضمه الدواعش، هذا الذي أتت عليه مخاوفه من المليشيات.
دع دينَك وطائفتَك ومذهبَك في البيت.. وتعال إلي
[post-views]
نشر في: 24 مايو, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
محمد سعيد
رائع حقا من يؤكد علي كينونته الانسانيه , وقبل ان يولي الاهتمام علي اولويه جذوره العشائريه او الطانفيه او المناطقيه , ويعتبرها ملاذه الاول والاخير في الحياة ورقيه ,او انها ليس وسيله او اداة للتصدي للاخرين في معارك مجهوله من ناحيه, او يرفض جعل م
محمد سعيد
رائع حقا من يؤكد علي كينونته الانسانيه , وقبل ان يولي الاهتمام علي اولويه جذوره العشائريه او الطانفيه او المناطقيه , ويعتبرها ملاذه الاول والاخير في الحياة ورقيه ,او انها ليس وسيله او اداة للتصدي للاخرين في معارك مجهوله من ناحيه, او يرفض جعل م