TOP

جريدة المدى > سينما > أنا فيلليني.. الأحلام هي الحقيقة الوحيدة

أنا فيلليني.. الأحلام هي الحقيقة الوحيدة

نشر في: 26 مايو, 2016: 12:01 ص

(2-2)
لم يحلم بما سيكون عليه عند الكبر ، ولم يقل بذلك مثل اترابه : " لم استطع أن أتصور نفسي في المستقبل كنت عديم الاهتمام بذلك . لم اقدر في الحقيقة على تصور نفسي واحداً من أولئك الكبار الذين كانوا يحيطون بيّ . ولعلني اكتهلت من غير أن اكبر لذلك السبب

(2-2)

لم يحلم بما سيكون عليه عند الكبر ، ولم يقل بذلك مثل اترابه : " لم استطع أن أتصور نفسي في المستقبل كنت عديم الاهتمام بذلك . لم اقدر في الحقيقة على تصور نفسي واحداً من أولئك الكبار الذين كانوا يحيطون بيّ . ولعلني اكتهلت من غير أن اكبر لذلك السبب " .
"أدرك ما يعنيه الحاضر ، لذا عاشه بكل التفاصيل التي فيه أما المستقبل ، الحلم ، فتعامل معه بوصفه واقعاً متخيّلاً ، مثلما في القصص العلمية . ولم يستطع تخيل نفسه كبيراً ، حتى بعد أن كبر . لذا لا انظر الى نفسي فعلاً عندما احلق ذقني ، وهذا يؤدي الى جروح كثيرة . ومن سوء الحظ أن اللحية لا تناسبني . أن التناقض بين الواقع والصورة التي في خيالي هو سبب استمراري في رسم نفسي شاباً نحيلاً كما اشعر في داخلي حتى الآن".

سيرته ضخمة ومكتنزة بالتفاصيل الشعرية ولا غرابة فإن فيلليني شاعر الصورة والمجدد فيها ولي عودة ثانية حول علاقته بالمرأة .
لم تكن الأحلام هي حقائق حياة فيلليني وحده ، بل هي فضاء الشخصيات التي انشغل بها فنياً ، ومثال ذلك في "جوليت والأشباح " المعمول من اجل جوليتا التي صارت حلمه الذي استمر طويلاً ، حتى بعد وفاته . جعل منها أنموذجه الذي أراده لتوصيف المرأة الايطالية ، التي لم تستطع التعايش مع ما كانت تتوقع أو تنتظر ، بمعنى فشلت بعلاقتها الزوجية . لكن فيلليني رسم لها صورة ملائكية ، لكنها خسرت الكثير ، هذا ما توقعته جوليتا التي تزوجها . انسحبت  "جوليت" فاشلة ومنحها فضاء يستوعب الانكسارات التي عرفتها في مؤسسة الزواج ، أعطاها  "الذكرى والأسطورة " ويلاحظ عودة الفنان للحلم مرة جديدة ، لأنه لا يكف عنه أبدا ، لكنه هذه المرة من خلال الأسطورة والذكرى . لا فرق بين الحلم والأسطورة في التحليل النفسي كلاهما يرشحان عن الرموز والاستعارات ، ولابد من ذكاء في التعامل مع الأسطورة والحلم ، وترجمة المشاهد فيها والتقرب من رموزهما .
ولان الذكريات تتحكم بنا ، وتعيش فينا ـ كما قال ـ فهي التعويض غير المباشر لخسارات الكائن في حياته . والعلاقة ـ أيضا ـ كائنة بين الحلم / الأسطورة / الذكرى.
المرأة حلمه وأسطورته " أنني ارفعهن الى مستوى الإلهات اللواتي ينحدرن منها . إنهن يهبطن عن قواعد تماثيلهن . إنني اجلُ النساء " فعلاً ، يضفي على المرأة ضرباً من القداسة . وهي أكثر تعطيلاً من الرجال بما لا يقاس ، تماماً مثلما هو الجنس أكثر تعقيداً بالنسبة إليهن " أنا اظهر دائماً مدى بساطة الرجال ، ولكن تشخيصي لهم لا يشعرهم بالهوان . أما النساء فهن أكثر حساسية . وأنا يمكنني كمخرج وكاتب أن أتعلم من جوليتا ، حتى بعد خمسين سنة من زواجنا . كرجل مع امرأة ، اشعر أحيانا كأنني عجينة في يديها . وفي منزلنا تستطيع جوليتا أن توجهني في سهولة ، أنها غامضة ومفاجئة ، مثلما كانت يوم التقينا ... من يحب النساء يظل شاباً ، ومن يظل شاباً يحب النساء . الحب يبقيك شاباً . قال كنج فيدور : انه يحسد المخرج " جورج كوكور " على لوطيته التي لا تسمح لبطلات أفلامه أن يجتحنه بالفتنة الجنسية . فهو يستطيع أن يبقى بارداً ومسيطراً على نفسه .
زوجته " جوليتا " هي حلمه اليومي .... والنساء الجميلات جزء من ذاكرته التي تعيش معه كما قال " والمثير في رأيه عن النساء ، الدقة والمهارة في التعبير ، ليقدم توصيفاً تبليغاً عن المرأة كنوع . ويحدد مكانتها الفريدة جنسانياً . ليتحدث وكأنه ينتقي مفرداته ، وهي ليست كذلك ، لان سيرته حوار متقطع مع ش شاندلر ، دائماً ما يحصل في السيارة ، أو المطعم ، أو المقهى حديثه مركز ، كاشف عن مهارته في تحديد ورسم ما يريد قوله سريعاً . ولان المرأة حلمه المستمر ، فانه يراها مثلما يحلم بها ويرسمها بصدر أنثوي ضخم ، ويعبث بموخراتهن ويضع حولهن عصافير وحميراً "معظم النساء اللواتي ارسمهن في كراسة الرسم الأولى يظهرن كأن ثيابهن تتمزق عنهن ، إن كن يرتدين أي ثياب .... تلك الرسوم تعطي كل شيء ، ولاسيما الجنس . تستيقظ ذاكرته عندما يعمل ويرى صور أحلامه ، لذا يشعر بأن سعادته غامرة جداً ، لأنه يرى ويعيش الأحلام عند العمل أكثر مما لو كان في إجازة " عملي حياتي ... بل هو سعادتي . والإجازة عقاب ... أن الإبداع الفني هو نشاط الإنسانية الحالم ... أن خيال الإنسان أقدس من واقعه ، وبرهان ذلك ، هو انك أن ضحكت على واقع احدهم سامحك ، إلا انه لن يسامحك أبدا إذا ضحكت على ما يتخيل ."
بعد انتهاء القسم الثالث / الأخير ، تضمنت سيرته " تعقيباً " سجلت فيه شاندلر تصوراتها ، وما تكون لديها ، وبعضا مما سمعته ولم تزرعه في احد الفصول وجعلته بعضاً من سردية مثيرة جداً ، فاضت بالشعرية والتفاصيل التي اضاءت حيويات فيلليني التي أشار لها ، وظل الكثير منها عالقاً في شجرته الساحرة . تعقيب ش. شاندلر ، حيوي ، مثير ، والمدهش فيه ، أنها استطاعت أن تصف الحلم الفلليني بآلية جديدة ، مغايرة تماماً . لكن الحلم ظل هو الحلم ، والاختلاف في الفضاء المساهم بتكوينه .
" أنا لست سميناً في أحلامي أبدا ، ضائع ، ضحية شهوتي الجنسية ، ولكني سأموت سعيداً " ... والنساء يتنازعن عليّ ولكن في الأحلام . الذاكرة تمنح سرديات جميلة جداً واستعادت جوليتا في الفترة الأخيرة من حياة فيلليني ، بعضاً من أحلام لحظة التعارف السريع والتشابك بينهما " كان حبي الأول والوحيد ، ولا يزال " كان قلقاً ، لان علاقته مع جسده تغيرت ، وهذا ما أثار في نفسه الخوف والفزع : أنا لا أترقب النوم الآن ، لأني لم اعد تلك الأحلام الرائعة ، التي يبعث فيها خيالي ، وإذا رأيتها فأني لا أتذكرها " و " لا استطيع أن أتخيل الحياة من غير جيوليتا " كان يخاف التعطل بسبب مرضه " يؤثر الموت على العيش ذليلاً نصف مشلول. "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram