TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > متران من الأرض.. تكفي!

متران من الأرض.. تكفي!

نشر في: 25 مايو, 2016: 09:01 م

إحتار الورثة في رصد وتقدير ثروة الراحل ، الذي مات حتف آنفه ، وحيدا فريدا ، رغم كثرة أتباعه  ومريديه ،
جرجره ملك الموت من ترقوته ، جراً ، لم يشفع له شيء مما ملك او إستحوذ او  إدخر . داخل العراق وخارجه .
لم يسعفه الأجل ليكتب وصيته بصيغة ترضيه ، بعد ان غيرها وعدل في بنودها أكثر من مرة  .
لم ينم يوما جائعا  قط . شبع حد التخمة ، كذب ودلس حد النقمة . لم تخل أحلام  نومته من كوابيس مريعة ومرعبة . إنتحل قصصا ، فبرك مزاعم وأقاصيص . سهر منتشيا ،  ارق متربصا ، لا يواتيه او يزوره  سلطان النوم إلا وجرعة خمر إضافية بين كفيه ، او قرص منوم طي لسانه .
كثيرا ما سهر حتي مطلع الفجر متدبرا وسيلة ما لزيادة رصيده المصرفي ، او رصيده الشعبي . او دفع تهمة ، او إتقاء مكيدة .  
خزانة ملابسه ملأى بآغلى الثياب  والأربطة، من اشهر (الماركات العالمية )وبيوتات الأزياء ،
هرول بكل الإتجاهات ليحظى  بخصوصية تميزه عن أقرانه .  
كان يتوق للقب رفيع  يضيفه  للقبه  :       رئيس وزراء - مثلا - او وزيرا لوزارة  سيادية كالمالية او الخارجية . دون سواهما من وزارات!!.
ذاكرته  حادة  ووقّادة ، يستذكر أحداثا نسيها البعض ، يحفظ آرقاما وتواريخ ، يوردها عن ظهر قلب .
ابتسامته تبدو -أحيانا - مداهنة ، حديثه عذب لبق ، لا يتكلف في إختيار الكلمات ، لا يلثغ حين يُستفز . يدري - يقينا يدري - إن كثيرين ممن حوله يداهنوه ليفوزوا  برضاه ، أو يحوزوا على كرم عطاياه . شحيح العطاء حينا . بالغ الكرم في آغلب  الأحيان .يسمي البخل والشحة (( إقتصادا )) . وكان يستل من الحكمة : إعمل لدنياك  كأنك تعيش آبدا ، وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا . شطرها الأول ويهمل شطرها الآخر …و….وكان يفزع من ذكر الموت في حضرته.
………..
قال الذي غسله ولفعه بقماش من خام عادي  ، يتساوى فيه البالغ الثراء والمدقع الفقر : لمحت جرحا على شفته السفلى ،، لعله عض عليها حتى  ادماها .. ندما على ما إقترف ، وندامة على ما لم يقترف !
لم إذن كان كل ذاك اللهاث والتسابق إذا كانت الخاتمة  .. متران من الإرض . والكفن من خام  رخيص ، والمضجع مهد من تراب ، واللقب ( المرحوم ) .
ها !؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram